للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَظْهَرُ نُبُوَّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا، وَخَتَمَ الْكِتَابَ، وَبُعِثَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

قَالَ عَمْرٌو: فَخَرَجْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى عُمَانَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدٍ، فَكَانَ أَحْلَمَ الرَّجُلَيْنِ وَأَسْهَلَهُمَا خُلُقًا، قُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ، فَقَالَ: أَخِي الْمُقَدَّمُ عَلَيَّ بِالسِّنِّ وَالْمُلْكِ، وَأَنَا أُوصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟ قُلْتُ: أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَتَخْلَعُ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِهِ، وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: يَا عَمْرُو، إِنَّكَ سَيِّدُ قَوْمِكَ، فَكَيْفَ صَنَعَ أَبُوكَ؟ فَإِنَّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً؟ قُلْتُ: مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ، وَوَدِتُّ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمُ وَصَدَّقَ بِهِ، وَكُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتَّى هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ.

قَالَ: فَمَتَى تَبِعْتَهُ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا، فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ إِسْلَامِي؟ فَقُلْتُ: عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَسْلَمَ، فَقَالَ: كَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ؟ قُلْتُ: أَقَرُّوهُ. قَالَ: وَالْأَسَاقِفَةُ وَالرُّهْبَانُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: انْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ، إِنَّهُ لَيْسَ خَصْلَةٌ فِي رَجُلٍ أَفْضَحَ لَهُ مِنْ كَذِبٍ، قُلْتُ: مَا كَذَبْتُ وَمَا نَسْتَحِلُّهُ فِي دِينِنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلَامِ النَّجَاشِيِّ. قُلْتُ: قَدْ عَلِمَ. قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ؟ قُلْتُ: كَانَ النَّجَاشِيُّ يُخْرِجُ لَهُ خَرْجًا، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْتُهُ، فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ بِنَاقُ: أَتَدَعُ عِنْدَكَ لَا يُخْرِجُ لَكَ خَرْجًا وَيَدِينُ دِينًا مُحْدَثًا، قَالَ هِرَقْلُ: رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ وَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ، مَا أَصْنَعُ بِهِ؟ وَاللَّهِ لَوْلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>