رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنْ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ - تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.
فَعُلَمَاءُ الْقَوْمِ وَأَحْبَارُهُمْ كُلُّهُمْ كَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ آثَرَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا وَأَطَاعَ دَاعِيَ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ.
وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَقْدِمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْثَانٌ يَعْبُدُهَا رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَتْرُكُونَهَا، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ قَوْمُهُمْ وَعَلَى تِلْكَ الْأَوْثَانِ فَهَدَمُوهَا، وَعَمَدَ أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ أَخُو حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَهُوَ أَبُو صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ مِنْهُ، وَحَادَثَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصْرَفَ الْقِبْلَةُ نَحْوَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَبُو يَاسِرٍ: يَا قَوْمِ أَطِيعُونِي، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَاءَكُمْ بِالَّذِي كُنْتُمْ تَنْتَظِرُونَهُ، فَاتِّبِعُوهُ وَلَا تُخَالِفُوهُ. فَانْطَلَقَ أَخُوهُ حُيَيٌّ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ - وَهُوَ سَيِّدُ الْيَهُودِ يَوْمَئِذٍ - وَهُمَا مِنْ بَنِي النَّضِيرِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ مِنْهُ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا، فَقَالَ: أَتَيْتُ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَا أَزَالُ لَهُ عَدُوًّا أَبَدًا، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ أَبُو يَاسِرٍ: يَا ابْنَ أُمِّ أَطِعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ، ثُمَّ اعْصِنِي فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute