بِمَا يَعْلَمُونَ بُطْلَانَهُ قَطْعًا لَا يَفْعَلُهُ عَاقِلٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ لِرَجُلٍ: عَلَامَةُ صِدْقِي أَنَّكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَصِفَتُكَ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَتَعْرِفُ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ بِضِدِّهِ، فَهَذَا لَا يَصْدُرُ مِمَّنْ لَهُ مُسْكَةُ عَقْلٍ، وَلَا يُصَدِّقُهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَتْبَعُهُ أَحَدٌ، بَلْ يَنْفِرُ الْعُقَلَاءُ كُلُّهُمْ عَنْ تَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَالْعَادَةُ تُحِيلُ سُكُوتَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ عَلَيْهِ وَالرَّدِّ وَالتَّهْجِينِ لِقَوْلِهِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَهُ شَرَفًا وَصَلَاةً وَسَلَامًا، نَادَى مُعْلِنًا فِي هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا أَعْلَمُ الْأُمَمِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ بِأَنَّ ذِكْرَهُ وَنَعْتَهُ وَصِفَتَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ، وَهُوَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجَهَارًا فِي كُلِّ مَجْمَعٍ، وَكُلِّ نَادٍ، يَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ - يَعْنِي إِلَى تَصْدِيقِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ - فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَدِّقُهُ وَيُؤْمِنُ بِهِ، وَيُخْبِرُ بِمَا فِي كُتُبِهِمْ مَنْ نَعْتِهِ وَصِفَتِهِ وَذِكْرِهِ، كَمَا سَيَمُرُّ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَغَايَةُ الْمُكَذِّبِ الْجَاحِدِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْوَصْفُ حَقٌّ، وَلَكِنْ لَسْتَ أَنْتَ الْمُرَادَ بِهِ بَلْ نَبِيٌّ آخَرُ، وَهَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ مِنَ الْمُكَابَرَةِ، وَلَمْ تُجْزِ عَنْهُ هَذِهِ الْمُكَابَرَةُ إِلَّا كَشْفَ عَوْرَتِهِ وَإِبْدَاءَ الْفَضِيحَةِ بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، فَإِنَّ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتَ وَالْعَلَامَاتِ الْمَذْكُورَةَ عِنْدَهُمْ مُنْطَبِقَةٌ عَلَيْهِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، بِحَيْثُ لَا يَشُكُّ مَنْ عَرَفَهَا وَرَآهُ أَنَّهُ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute