للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَعْرِفُونَ سِوَاهَا، وَهُجِرَتْ بَيْنَهُمُ النُّسْخَةُ الصَّحِيحَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ الَّتِي بِأَيْدِي النَّصَارَى.

وَهَكَذَا تُبَدَّلُ الْأَدْيَانُ وَالْكُتُبُ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَوَلَّى حِفْظَ الْقُرْآنِ بِذَاتِهِ وَضَمَنَ لِلْأُمَّةِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ - لَأَصَابَهُ مَا أَصَابَ الْكُتُبَ قَبْلَهُ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّهُ مِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ تَخْلُوَ الْكُتُبُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَنِ الْإِخْبَارِ بِهَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَطْرُقِ الْعَالَمَ مِنْ حِينِ خُلِقَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَا شَأْنٌ أَكْبَرُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِهِ طَبَقَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَعَاقُبِ الْقُرُونِ وَإِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَمِثْلُ هَذَا النَّبَأِ الْعَظِيمِ لَا بُدَّ أَنْ تُطَابِقَ الرُّسُلُ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهِ. وَإِذَا كَانَ الدَّجَّالُ - رَجُلٌ كَاذِبٌ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَبَقَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ - قَدْ تَطَابَقَتِ الرُّسُلُ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهِ، وَأَنْذَرَ بِهِ كُلُّ نَبِيِّ قَوْمَهُ مِنْ نُوحٍ إِلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَخَاتَمِ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ أَجْمَعِينَ، فَكَيْفَ تَتَطَابَقُ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا عَلَى السُّكُوتِ عَنِ الْإِخْبَارِ بِهَذَا النَّبَأِ الْعَظِيمِ، وَبِهَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَطْرُقِ الْعَالَمَ أَمْرٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَا تَطَرُقُهُ أَبَدًا. هَذَا مِمَّا لَا يَسُوغُهُ عَقْلُ عَاقِلٍ، وَتَأْبَاهُ حِكْمَةُ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، بَلِ الْأَمْرُ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَمَا بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>