للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك رأيان:

أكثر المفسرين على أنها في هذا الشأن.

ومنهم من يرى أنها في معنى آخر، وأن المراد منها ميثاق الفطرة التي فطر الله عليها عباده.

ورجح ذلك ابن القيم بوجوه (١)، منها:

أن الله تعالى قال: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ﴾ ولم يقل: من آدم.

وقال تعالى: ﴿مِنْ ظُهُورِهِمْ﴾ ولم يقل: من ظهره.

وقال تعالى: ﴿ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ ولم يقل: ذريته.

والمراد استخراجهم جيلًا بعد جيل، من ظهور آبائهم، ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ بما نصبه من الأدلة على ربوبيته سبحانه وإلهيته، وفطر عباده على وحدانيته، وقال النبي : «ما من مولود إلا يولد على الفطرة» (٢).

فالآية في ميثاق الفطرة، ومع ذلك هذا الميثاق لم يجعله الله بمجرده هو الحجة على العباد، نعم هو من جملة الحجج؛ لكن الحجة الكبرى هي: إرسال الرسل، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)[الإسراء]، وقال سبحانه: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]، فبالرسل قطع الله المعذرة، وقال النبي : «لا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل


(١) الروح ص ٢٦٠، وانظر: درء التعارض ٨/ ٤٨٢.
(٢) رواه البخاري (١٣٥٨)، ومسلم (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>