للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. قال: فوالله الذي لا إله غيره، إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» (١)، فالعبرة بالخواتيم، ماذا ينفع من كان دأبه الإحسان إذا تحول وتغير وانقلب من الإحسان إلى العدوان، فبعد أن كان محسنًا مصلحًا صار ظالمًا مفسدًا، فمن كان مؤمنًا مدة طويلة، ثم صار كافرًا، فكفره يحبط ما قبله.

ولهذا من أهم ما يجب أن يهتم به المسلم أمر الخاتمة، فيسأل ربه الثبات أولًا؛ لأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، ومن دعاء النبي : «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (٢)، وهذا يتضمن سؤال حسن الخاتمة، والله تعالى يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)[آل عمران:]، أي: استقيموا على الإسلام حتى يأتيكم الموت وأنتم على ذلك، ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)[الحجر]. ومن دعاء الصالحين: سؤال الوفاة على الإسلام، كما قال السحرة بعد التوبة: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (١٢٦)[الأعراف]، ويوسف


(١) تقدم تخريجه في ص ٨٣.
(٢) رواه أحمد ٣/ ١١٢، والبخاري في «الأدب المفرد» (٦٨٤)، والترمذي (٢١٤٠) - وقال: حسن -، وصححه الحاكم ١/ ٥٢٦، والضياء في «المختارة» ٦/ ٢١١ من حديث أنس وروي من حديث غيره من الصحابة.

<<  <   >  >>