للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)[يوسف]، وهذا كله من سؤال الله حسن الخاتمة.

وقوله: «والسعيد من سَعِد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله».

السعيد هو الذي يفوز بمطلوبه ومحبوبه، وينجو من مرهوبه ومكروهه، وهو من يظفر بالكرامة ويفوز بالنعيم المقيم، والشقي ضده، وهو الذي يفوته المطلوب والمحبوب، ويبوء بالمكروه والمرهوب، هو الذي يصير إلى عذاب الله الأليم المهين قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)[هود].

فالسعادة والشقاوة مقضيان ومُقَدَّران، وفي الحديث الذي تقدم ذكره (١): «أن الملك يؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد»، وهذا لا يعني أن الإنسان يصير شقيًّا بدون أسباب الشقاوة، ويصير سعيدًا بدون أسباب السعادة، لا؛ بل للشقاوة أسباب، وللسعادة أسباب، فالسعادة سببها توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسله، هذه أسس السعادة؛ إيمان وتقوى، وعمل صالح، ولا تكون السعادة بدون ذلك أبدًا، كما قال النبي : «إنه لن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة» (٢)،


(١) تقدم تخريجه في ص ٨٣.
(٢) رواه أحمد ١/ ٧٩، والترمذي (٣٠٩٢) - وقال: حسن صحيح -، والحاكم ٤/ ١٧٨ وصححه.

<<  <   >  >>