للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وهي درجة الراسخين في العلم»، الراسخون في العلم ذكرهم الله في قوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧]، فالراسخون في العلم هم المتمكنون في العلم، ليسوا على حَرف في العلم أو في الإيمان أو في العبادة، لا؛ بل هم ثابتون راسخون، وهم يؤمنون بكل ما جاء عن الله، ولا يعارضون ما أخبر الله به، وما أخبرت به رسله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ [آل عمران: ٧]، بخلاف الذين في قلوبهم زيغ فإنهم يتبعون المتشابه؛ ﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾ [آل عمران: ٧] وابتغاء إضلال الناس، ولبس الحق بالباطل.

وقوله: «لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود».

العلم الموجود: مسائل الاعتقاد والشرائع، فهذا العلم الذي بعث الله به رسوله ، وهو موجود في القرآن والسنة ففيهما من الأخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة ما يعلمه من تدبرهما.

«وعلم في الخلق مفقود» وهو علم الغيب الذي طواه الله، مثلما تقدم في القدر: «أن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه» (١)، فسِرُّ القدر هو من العلم المفقود، وكيفية صفات الرب من العلم المفقود، وحقائق الآخرة من العلم المفقود، ولا سبيل إلى معرفة ما استأثر الله بعلمه.


(١) ص ٢٠١.

<<  <   >  >>