للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقضاؤه وحكمه نافذ غالب لحيل الخلق، كما في الدعاء عن النبي : «ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك» (١)، ومهما فعل الخلق ومهما دبروا؛ فلن يتم لهم شيء إنْ كان قضاء الله مخالفًا له، ولن يمضي ولن يتم إلا حُكم الله وقضاؤه؛ لكن الخلق يقدرون على فعل الأسباب، فالحيل من الأسباب، والإنسان مأمور بفعل الأسباب والحيل التي توصل إلى ما أمر الله به أو أباحه لعباده؛ ولكن هذه الأسباب محكومة بقضاء الله، ولن يتم بأي سبب وبأي حيلة أثر لأي سبب أوحيلة إلا ما قضاه الله سبحانه، وفي وصايا النبي لابن عباس : «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» (٢).

وقوله: «يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدًا».

يفعل سبحانه ما يشاء، فيعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويهدي ويضل، ويحيي ويميت، ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: ٣]، ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ [الرعد: ٢٦]، و ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [العنكبوت: ٢١]، كل ذلك جارٍ على وفق حكمته تعالى، فله الحكمة في كل تدبير، كما تقدم في قول الطحاوي: «يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلًا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلًا» (٣).


(١) تقدم بعضه في ص ٢٠٠، وتخريجه هناك.
(٢) تقدم في ص ٢١٤.
(٣) ص ٨٩.

<<  <   >  >>