للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو بكر، لكن هذه النصوص بمجموعها تدل دلالة بينة على أن أبا بكر هو الأحق بالأمر، وأنه الخليفة من بعده ، ثم وفَّق الله أصحاب رسول الله لاختياره عندما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وقال قائل منهم للمهاجرين: «منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر : نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فبايِعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال: عمر بل نبايعك أنت؛ فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس» (١).

ولم يخالف في ذلك من يعتد بخلافه، فلا نزاع بين الصحابة في أن أبا بكر أفضلهم، كما في حديث عمرو بن العاص : قلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، قلت: من الرجال؟ قال: «أبوها»، قلت: ثم مَن؟ قال: «عمر» فَعَدَّ رجالًا (٢).

فهو أحب الناس إلى الرسول وأَمَنُّهم عليه في صحبته وماله، فهو أحق بالأمر من بعده؛ فلذلك كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الأحق بالأمر بعد رسول الله هو أبو بكر.

ولشيخ الإسلام في هذا الموضع جمع حسن، قال: «خلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسوله له بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه، اختيارًا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله؛ فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعًا» (٣).


(١) رواه البخاري (٣٦٦٨) من حديث عائشة ، وهذا اللفظ مختصر.
(٢) رواه البخاري (٣٦٦٢)، ومسلم (٢٣٨٤).
(٣) منهاج السنة ١/ ٥٢٤.

<<  <   >  >>