ولهذا قال الرسول ﷺ عندما خطب بمنى:«فَلْيُبَلِّغْ الشاهدُ الغائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعى من سامِع»(١)، ولهذا قال ﷺ:«فذلك مثل من فَقُهَ في دين الله ونفعه ما بعثني الله به».
أما من أعرض فمثله في قوله ﷺ:«طائفة أخرى إنما هي قِيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ»، فلم تنتفع بهذا الغيث، ولهذا قال:«ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
فيجب على سائر الأمة أن يعرفوا لهؤلاء العلماء فضلهم؛ لأنهم حَمَلة هذا الدين، والقائمون به، فتجب محبتهم؛ لعلمهم ودينهم وإيمانهم، والحب في الله واجب لجميع المسلمين، لكن يجب إنزال كل أحد منزله، الصحابة لهم منزلة، وحبهم هو من الحب في الله، ولكن يجب لهم من المحبة والتقدير والذكر الجميل ما ليس لغيرهم، وهكذا العلماء يستوجبون من المحبة والإجلال والذكر الجميل والثناء العاطر ما لا يستحقه من دونهم، وأصل الحب في الله تابع لمحبة الله، فمن كان أقرب إلى الله وأقوم بدين الله، وأتقى لله كان له من المحبة والإكرام ما يليق بمقامه.
وقد انقسم الناس في العلماء ثلاثة أقسام:
طرفان ووسط، فطائفة تغلو في من تعظمه من العلماء؛ لأن لكل طائفة من المقلدين إمامًا ينتمون إليه، وهذا الغلو يتمثل بالتعصب لأقوالهم، وتقديمها على أقوال غيرهم؛ فالمتعصبون من المتمذهبين
(١) رواه البخاري (١٧٤١)، - واللفظ له - ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة ﵁.