لا يعتبرون أقوال الأئمة الآخرين إنما يتمسكون بأقوال إمامهم الذي يقلدونه؛ بل ويَعْرِض نصوص الشريعة على قول إمامه فما وافقها قبله، وما خالفها تأوله، وتلمس له أنواع التفسير والتأويل؛ ليدفع معارضتها لقول الإمام، وهؤلاء مذمومون، ولهم شبه بمن قال الله فيهم: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١].
ولهذا عَقَدَ الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ بابًا في كتاب «التوحيد» عنوانه: «باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله»(١).
ويقابل هؤلاء: مَنْ لا يعرف للعلماء قدرهم، ولا يعتبر أقوالهم، ولا ينظر فيما استنبطوه من نصوص الكتاب والسنة؛ بل يجعل نفسه ندًّا لهم؛ بل يتنقصهم فيما يخالف هواه ورأيه، ويطعن عليهم فيما اجتهدوا فيه واستنبطوه من النصوص، وهذا قد حُرِم من الانتفاع بهم؛ لأنه متبع لهواه متعصب لرأيه، وإنما يأخذ من أقوال العلماء ما وافق رأيه.
مثلما يفعل الآخرون في النصوص حين يأخذون منها ما يوافق آراءهم ومذاهبهم، فتجد أحدهم يستدل بالآية أو الحديث حين يوافق المذهب الذي مشى عليه، وما جاء من النصوص معارضًا لمذهبه ورأيه دَفَعَه بكل وسيلة؛ إما بالتكذيب أو الرد، وإما بالتحريف الذي يسمونه تأويلًا، كما تفعل طوائف المبتدعة، فهذا منهجهم في النصوص، وهو منهج المتعصبين من أهل المذاهب بالنسبة لما خالف مذهبهم.