للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن لم يكن، وليس معنى ذلك أنه يقوم به الفعل، وأنه يفعل فعلًا يقوم بذاته، ولهذا يقول ابن القيم في «الشافية الكافية» (١) عن الجهم:

وَقَضَى بِأنَّ الله لَيسَ بفاعِلٍ … فِعلًا يَقومُ بِه بِلَا بُرهَانِ

فقضى بأن الله ليس بفاعل فعلًا يقوم به؛ بل الفعل عند جَهْمٍ، والمعتزلة، والأشاعرة، هو نفس المفعول.

والحق المعقول أن الأمور ثلاثة: «فعل، وفاعل، ومفعول»، فالمفعول يقتضي فاعلًا، وفعلًا يقوم به، هذا هو الشيء البدهي المعقول، ولا يعمى عن هذا إلا من لُبِّس عليه، وغُرست في قلبه الشبهات، وعاش على التقليد والتبعية.

وهؤلاء الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم في نفي قيام الأفعال الاختيارية به قالوا: إنه يجب أن تكون لجنس المخلوقات بداية، وقبل هذه البداية يمتنع دوام الحوادث، أو تسلسل المخلوقات، أو دوام المخلوقات، أو حوادث لا أول لها، قالوا: هذا مستحيل، ممتنع لذاته، وإذا كان دوام الحوادث ممتنعًا فالرب تعالى غير قادرٍ على أن يخلق في الأزل!

لأن الممتنع لا تتعلق به القدرة.

وكفى بهذا تنقصًا لرب العالمين!


(١) ص ٢٦.

<<  <   >  >>