للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مانع منه -، فإذا كان الرب لم يزل على كل شيءٍ قديراً، فلم يزل الفعل ممكنًا، ومن يقول: إنه لم يخلق في الأزل فعليه الدليل.

والأمر الذي نقطع ببطلانه قول من يقول: بامتناع دوام الحوادث في الماضي.

أما إذا قيل: إنه ممكن، والله فعالٌ لما يريد، فهذا هو الحق، وأهم شيء أن تعلم أن هذا لا يستلزم محذورًا كما ظنه الظانون والجاهلون؛ لأنه على هذا التقدير - دوام الحوادث - معناه: أن كل مخلوق فإنه مسبوق بعدم نفسه - أي محدث بعد أن لم يكن - والله تعالى متقدم على كل شيء، مهما يُفرض من مخلوقات متسلسلة فالله تعالى سابق لها، فكل مخلوق فالله تعالى خالقه، والمخلوق محدثٌ، والله تعالى لم يزل.

وهذه المسألة تُشكِل على كثير من الناس؛ لكن يجب أن تؤمن بأن الله لم يزل على كل شيء قديرًا، ولم يزل فعالًا لما يريد، وإذا آمنت بأن الله لم تحدث له قدرة - أي: لم يصر قادرًا بعد أن لم يكن قادرًا، ولم يصر فعالًا بعد أن لم يكن فعالًا - حصل المطلوب سواء فهمت المسألة أو لم تفهمها.

وإذا استقر هذا في نفسك فهمت أنه يقتضي جواز وإمكان دوام الحوادث في الماضي، ما دام أن ربك لم يزل على كل شيء قديرًا، ولم يزل فعالًا لما يريد.

<<  <   >  >>