للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «وقدَّر لهم أقدارًا»، قال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)[الفرقان]، ﴿كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)[القمر].

وجاء في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي قال: «قدَّر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة» (١).

مقادير تكون من جهة الزمان، والمكان، والذات، فكل إنسان قدر الله له زمنًا، ﴿وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٥]، يعني مقدار لُبْث الجنين في الرحم مقدَّر: هذا ستة أشهر، وذا تسعة، وذا عشرة، وذا أكثر.

وعملهم مقدَّر، ورزقهم مقدَّر، وجميع الأشياء مقدَّرة.

وقوله : «قدَّر الله المقادير» كلمة قصيرة لكن مفهومها واسع جدًّا، لا نحيط به ولا نتصوره، لكن نفهمه إجمالًا.

وقوله: «وضرب لهم آجالًا».

عَطْفُ هذه الجملة على التي قبلها من عطف الخاص على العام، «ضرب لهم آجالًا» حدد للخلق آجالًا، والأجل: يطلق على نهاية المدة المقدرة، أو على نفس المدة المقدرة كلها، فالدنيا لها أجل، ينتهي بيوم القيامة، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ [الأنعام: ٢].

والأمم لها آجال ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩)[يونس]، كل أمة لها أجل ثم تنتهي كيف شاء الله، وفي


(١) رواه أحمد ٢/ ١٦٩ - واللفظ له -، ومسلم (٢٦٥٣).

<<  <   >  >>