للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقاطع الوسواس، ولا تسترسل معه، واترك التفكير، وقل: أعوذ بالله من الشيطان، آمنت بالله ورسله؛ فأنك إذا تفكرت فيه زاد وطمع الشيطان فيك؛ لأنه وجد عندك قابلية للوسواس.

وانظر إلى إيمان الصحابي الذي وجد مثل هذا، فجاء مذعورا يتذمر، ويقول: (يا رسول الله، إني أحدث نفسي بالشيء ما لو أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة} (١)

وقال في لفظ آخر: {ذاك صريح الإيمان} (٢)

والمراد كراهة هذا الوسواس، وبغضه والخوف منه، وهذا نابع من الإيمان، فبقدر إيمان العبد وقوته يكون موقفه من تلك الأفكار والوساوس.

وهذا كله يرجع إلى التسليم فأي شبهة، أو فكر، أو خاطر، أو قول يعارض الحق فهو باطل، وهذا المبدأ عصمة للمسلم من كثير من الشرور والشبهات والضلالات.

فالتسليم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، معتصم للمسلم أمام كل باطل وكل مجادل، فلا يعط لعقله الحرية التي تسمى حرية العقل، وليست حرية للعقل؛ بل عبودية للشيطان، وخروج عن عبودية الله، فليكن هذا الأصل على بالك، فكل ما يخالف الحق الذي جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو باطل من الوهلة الأولى، وليس بلازم أن يكون الإنسان عنده القدرة على تزييف تلك الشبهة، المهم أن الحق عنده ثابت، فما يُدعى أن هذا يعارضه فهو مردود مدفوع، فاعتصم بالحق واثبت عليه واطرح كل ما خالفه.


(١) رواه أحمد ١/ ٢٣٥ـ واللفظ له ـ، وأبو داود (٥١١٢)، وصححه ابن حبان (١٤٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -.
(٢) رواه مسلم (١٣٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>