للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: ١١]

المرتبة الثالثة: الإيمان بعموم مشيئة الله: وهو أنه لا خروج لشيء عن مشيئة الله، فكل ما يجري في الوجود فهو بمشيئة الله، فكل حركة وسكون، وكل تغير بوجود أو عدم أو زيادة أو نقص على أي وجه كل ذلك بمشيئة الله، قال تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٦] وقوله: {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء} [إبراهيم: ٢٧]، وقوله: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠].

والمرتبة الرابعة: الإيمان بعموم خلقه، ومعناه: أن الله خالق كل شيء، فكل موجود فهو مخلوق لله، قال تعالى: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) [الزمر: ٦٢]، ((ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) [الأنعام: ١٠٢].

هذه أربع مراتب لا بد أن تكون مستقرة في ذهن المسلم، والمؤلف ذكر عبارات كثيرة تتعلق بتقرير الإيمان بالقدر في حدود هذه المراتب المذكورة؛ لكنه نوَّع العبارات وذكر جزئيات وتفصيلات، وفرق الكلام في القدر، فقد تقدم (١) قوله: (خلق الخلق بعلمه، وقدر لهم أقدارا، وضرب لهم آجالا، ولم يَخْفَ عليه شيء قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم) وذكر المشيئة (٢) وأن (كل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم)، وهنا ذكر أيضا بعض التفصيلات في إطار مراتب القدر المتقدمة، فقال: (وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه)؛ لأنه إذا زاد أو نقص لزم منه تغير علم الله، وأن الله لم يعلم ما سيكون، لا، بل قد فُرغ من الأمر، كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار). (٣)


(١) ص ٦٨.
(٢) ص ٧٧.
(٣) رواه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث علي - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>