للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمعنىً آخر، وهو: أنه تعالى محيط بكل شيء، وفوق كل شيء، فتفيد الجملة أمرين: إثبات الإحاطة وإثبات الفوقية.

والفوقية قد جاء ذكرها في القرآن في مواضع مثل قوله تعالى: ((وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)) [الأنعام: ١٨]، وقال تعالى: ((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)) [النحل: ٥٠]، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والله فوق العرش). (١)

والقول في الفوقية كالقول في العلو، فهي ثلاثة أنواع كالعلو:

علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر لكل شيء.

كذلك الفوقية يقال:

فوقية الذات، وفوقية القدر، وفوقية القهر.

ففوقية القدر هي: فوقية الصفات، والنزاع الذي بين أهل السنة والمبتدعة إنما هو في علو وفوقية الذات؛ فإن نفاة العلو والفوقية يفسرون علو الذات بعلو القدر، فيقولون: قوله تعالى: ((وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)) [الأنعام: ١٨] كقولك: الذهب فوق الفضة، من حيث القدر والقيمة.

وآيات الفوقية هي من جملة الأدلة على علو الله تعالى بذاته، فالله فوق عباده ((وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)) [الأنعام: ١٨]، وقال تعالى: ((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)) [النحل: ٥٠]، وأدلة علو الله في ذاته على المخلوقات كثيرة جدا، وذكر ابن القيم (٢) أنها أنواع، وكل نوع تحته أفراد، فمنها:

١ - التصريح بوصفه تعالى بالعلو، كقوله تعالى: ((وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)) [البقرة: ٢٥٥] في آيات كثيرة.

٢ - التصريح بالفوقية ((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)) [النحل: ٥٠].

٣ - التصريح بأنه في السماء: ((أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)) [الملك: ١٦] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا تأمونني وأنا أمين من في السماء) (٣).


(١) تقدم قبل صفحة: رواه أحمد ١/ ٢٠٦، وأبو داود (٤٧٢٣) والترمذي (٣٣٢٠) ـ وقال: حسن غريب ـ، وابن ماجه (١٩٣) وابن خزيمة في التوحيد ص ١٠١، والحاكم ٢/ ٤١٢ و ٥٠٠ ـ وصححه، وتعقبه الذهبي ـ من حديث العباس - رضي الله عنه -، وصححه الجوزجاني في الأباطيل ١/ ٧٩، وقواه ابن تيمية في الحموية ص ٢٢٢، ومناظرة الواسطية ٣/ ١٩٢، وابن القيم في تهذيب السنن٧/ ٩٢.
(٢) الكافية الشافية ص ١٠٣، وإعلام الموقعين ٢/ ٢٨١.
(٣) رواه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>