للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتأمل في الأدلة، وينظر في الآيات ويتفكر ((أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ)) [الأعراف: ١٨٥]، ((أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ)) [الروم: ٨].

والنظر من الأسباب التي يَقوى بها إيمان المؤمن، ولهذا أثنى الله على أولياءه أولي الألباب أثنى عليهم بالتفكر بالمخلوقات ((وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [آل عمران: ١٩١] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يرفع بصره إلى السماء، ويقرأ هذه الآيات ويتفكر (١)، فالتفكر في الآيات الكونية، والتدبر للآيات الشرعية القرآنية هما من روافد الإيمان، ومما يسقي شجرة الإيمان، فالإيمان يزيد بالتفكر في مخلوقات الله.

المقصود: أن النظر مشروع، لكن لا يقال: إنه أول واجب، بل أول واجب هو شهادة أن لا إله إلا الله.

يقول المؤلف: (إن الله واحد لا شريك له) فالله تعالى نزه نفسه عن الشركاء في مواضع ((سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْركُونَ)) [الطور: ٤٣]، وفي الآية الأخرى ((أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ)) [الأعراف: ١٩١]، وقال سبحانه وتعالى: ((وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ)) [الإسراء: ١١١]، أي لا شريك له في ملكه ولا شريك له في تدبيره، ولا شريك له في إلهيته، ((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)) [سبأ: ٢٢ - ٢٣] هذه الآية قد قيل فيها: «إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب» (٢)، فليس لشرك المشركين أي شبهة يمكنهم التعويل عليها فكلها باطلة، فشركاؤهم لا يملكون مثقال ذرة، وليس لهم شرك في ذرة من


(١) رواه البخاري (٤٥٦٩)، ومسلم (٧٦٣) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب ص ٣٣.

<<  <   >  >>