ولكن في الحقيقة هذا التفريق عندي له فائدة وهي: أن الصلة بهذه الأصول مستمرة لا تنقطع؛ فيتجدد الكلام ويتكرر؛ فيحصل بسبب ذلك التذكير والضبط، فعلى سبيل المثال: مسائل القدر جاءت متفرقة؛ لكن صار من فائدته: تجدد الكلام في القدر، وحصل فيه التأكيد ومزيد الإيمان والإيضاح؛ لكن إذا جُمع الكلام في موضع واحد فإنه مع طول الوقت يُغفل عنه.
فهنا قال:(ونؤمن بالملائكة والنبيين) هذا إيمان مجمل، نؤمن بالملائكة كما ذكر، والإيمان بالملائكة كما جاء في السنة جاء في القرآن مقرونا بالإيمان بالله في ثلاثة مواضع في قوله تعالى:((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)) [البقرة: ١٧٧]، وقال سبحانه وتعالى:((وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالَاً بَعِيدَاً)) [النساء: ١٣٦]، وقال سبحانه:((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)) [البقرة: ٢٨٥] فنؤمن بالملائكة الذين وصفهم الله بصفات كريمة، فقال تعالى عنهم:((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدَاً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)) [الأنبياء: ٢٦ - ٢٨].
وقد أخبر الله تعالى أن الملائكة أصناف منهم: ملك الموت، قال تعالى:((قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)) [السجدة: ١١].
ومنهم الملائكة الذين هم من أعوان ملك: ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، وقد أضاف الله إليهم التوفي كما أضافه إلى ملك الموت، قال تعالى:((وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)) [الأنعام: ٩٣]، وقال تعالى:((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [النحل: ٣٢].
ومنهم الملائكة الموكلون بحفظ وكتابة أعمال العباد ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ)) [الانفطار: ١٠].