للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك القدر يطلق ويراد به المقدر، فإذا حدث الآن حادث للإنسان يقول: هذا قدر، أي: هذا مُقَدَّرٌ قد قَدَّره الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل). (١)

ومثلُ القدرِ القضاءُ؛ فإنه يطلق ويراد به الحكم، وهو فعل الرب تعالى، ويطلق ويراد به المقضي، وهو ما قضاه الله وشاءه من المخلوقات، ولهذا يقول المسلمون فيما يحدث: هذا قضاء وقدر، أي: هذا أمر مقضي مقدر، أي: هذا أمر حكم الله به، وقدره سبحانه وتعالى.

وقوله: (والقدر خيره وشره)

لاشك أن المقدرات المخلوقات فيها خير وشر وحلو ومر، فيها النعم والمصائب، فيها طيب وخبيث، وحسن وقبيح، هذه المخلوقات فيها هذا التنويع.

فإذا أريد بالقدر: المقدر فهذا أمر ظاهر، نؤمن بأن كل الأشياء مُقدرة مخلوقة لله، واقعة بقدرة الله ومشيئته، لا يخرج شيء منها عن ملك الله، فكل ما يجري في الوجود من خير وشر؛ فهو بمشيئة الله وخلق لله، ومقدر بتقدير الله، وهو مقضي بحكم الله وقضائه.

وقوله: (وحلوُه ومرُّه) كأن هذا التعبير من تنويع الكلام؛ لأن الأمور المقدرة منها ما هو حلو في حس وذوق الناس؛ كالنعم والأشياء المستطابة، والمر الأشياء الكريهة كالمصائب؛ لأن لها مرارة في النفوس.

ويفسر الخير باللذات وأسبابها، والشر بالآلام وأسبابها، لكن هناك لذات في نفسها لكنها أسباب لآلام طويلة، فتكون في ذاتها خيرا، لكنها شر باعتبار ما تفضي إليه، فالمعاصي شر وإن استلذتها النفوس؛ لأنها تفضي إلى أعظم الآلام.


(١) رواه مسلم (٢٦٦٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>