يستلزم التشبيه، والله تعالى منزه عن التشبيه، حقا إنه منزه عن التشبيه، ولكن ليس إثبات الصفات من التشبيه في شيء، وتسميةُ إثبات الصفات تشبيها هذا من التلبيس والتمويه، وأصل هذه الشبهة قولهم: المخلوق يوصف بأنه عليم وأنه سميع وأنه بصير وأنه حي وأنه يرضى ويغضب ويحب، فلو أثبتنا هذه الصفات لله كان مماثلا للمخلوق.
وقد رد عليهم أهل السنة (١) واحتجوا عليهم بما يفحمهم، ومن ذلك أن يقال: يلزمكم أن تقولوا: إن وصفه تعالى بالوجود تشبيه، فالمخلوق موجود، وهذا ظاهر الفساد والبطلان، فالله تعالى موجود والمخلوق موجود، ولكل منهما وجود يخصه، وليس الموجود كالموجود.
وإن كان بين الوجودين قدر مشترك، وهو مطلق الوجود الذي هو ضد العدم، ونقول مثل ذلك في سائر ما سمى ووصف به نفسه سبحانه، فالله تعالى الحي، والمخلوق الحي، قال تعالى:((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)) [الفرقان: ٥٨]، وقال تعالى {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}[الروم: ١٩] ولكن ليس الحي كالحي، فالله تعالى الحي بحياة تخصه وهي الحياة التامة، وهي الحياة الواجبة وهي الحياة التي لا يعتريها نقص ولا نوم ولا سنة ((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)) [الفرقان: ٥٨] وقال سبحانه وتعالى: ((لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)) [البقرة: ٢٥٥] والمخلوق يوصف بالحياة التي تناسبه وهي الحياة المحدثة بعد موت والمتبوعة بالموت، ((كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)) [البقرة: ٢٨] وهي حياة ناقصة، وهي حياة موهوبة للمخلوق، فالله هو الذي يحيي ويميت، وأما حياة الرب فليست كحياة المخلوق، بل حياة لازمة لذاته، وهي أكمل حياة.
وإن اتفق الاسمان عند الإطلاق بمعنى أن كلا من الاسمين يدل