عذابها ونعيمها، وليس البعث إيجادًا من عدم؛ بل البعث إعادة، وهذا هو الذي أنكره الكفار، فإنهم لا ينكرون أن الله يخلق مثلما خلق، فهم يشاهدون أن الله يخلق الأجيال، إنما ينكرون أن يعيد الله ما استحال من أبدانهم وتفرق من أجسادهم أن يعيده:((أَإِذَا كُنَّا تُرَابَاً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)) [الرعد: ٥]، ((وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامَاً وَرُفَاتَاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقَاً جَدِيدَاً * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدَاً * أَوْ خَلْقَاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) [الإسراء: ٤٩ - ٥١] الآيات، ((بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)) [ق: ١٥]، ولهذا أنكر العلماء على جهم بن صفوان ومن وافقه بأن المعاد هو أن يخلق الله الخلق خلقا جديدا ليس بإعادة، يقول ابن القيم ـ في فصل طويل في الشافية الكافية (١) عن جهم ومقالاته ـ:
ولهذا جعل الله من حجته على المكذبين أن الإعادة في نظر الإنسان وبالنسبة لقدرة الإنسان أهون من الابتداء، ((أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)) [ق: ١٥]، ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلَاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ