للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصول أسبابها،

ولكن كل ذلك مرده إلى قدرة الله ومشيئته سبحانه وتعالى وتقديره وتدبيره.

والآيات والأحاديث في الترغيب في الدعاء كثيرة معلومة، فالله تعالى ندب عباده إلى الدعاء ورغبهم فيه؛ لأن حوائج العباد كلها لديه، فبيده الملك وبيده الخير، وهو المعطي المانع، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وقد ضمن الله الإجابة لكل من دعا ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر: ٦٠] وعد والله لا يخلف الميعاد.

وقوله: (ويملك كل شيء، ولا يملكه شيء، ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين، ومن استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر وصار من أهل الحين).

هذا معطوف على ما قبله، والله عز وجل له الملك كله، فله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما: ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ)) [آل عمران: ٢٦] وكل العوالم في قبضته: ((تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)) [الملك: ١] فهو المتصرف في هذا الوجود، وهو خالق كل شيء، وهو المدبر لكل شيء، ومن أسمائه الملك، أي: الذي له الملك، فهو ملك الناس، وهو ملك الأملاك، وهذا كله داخل في توحيد الربوبية، فتوحيد الربوبية يتضمن أنه سبحانه وتعالى خالق كل شيء ومليكه: ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [يس: ٨٢ - ٨٣]، ((قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)) [المؤمنون: ٨٨ - ٨٩].

وقوله: (ولا يملكه شيء) فهو المالك وغيره مملوك، وهو مالك الدنيا والآخرة: ((وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى)) [الليل: ١٣] وكلهم عبيده {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣] والعبد المملوك لا يكون مالكا لسيده، ولا شريكا له: ((ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ)) [الروم: ٢٨] لكن يكون مالكا لما يُمَلِّكُه

<<  <   >  >>