للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم) وهذا الذي نعبّر عنه بقولنا: ما شاء الله كان، أما مشيئة الإنسان فقد تتحقق، وقد لا تتحقق، فيشاء العبد ما لا يكون، كالعاجز يريد شيئا ولا يكون، وقد يكون ما لا يريد، كالمكره يجري عليه من الأمور ما لا يريده.

أما الرب القدير على كل شيء فما شاء كان، وما لم يشأ لا يكون، سبحانه وتعالى.

وقوله: (يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا)

أدلة هذا في القرآن كثيرة، قال الله تعالى: ((فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)) [البروج: ١٦] هذا دليل عام.

وقال تعالى: ((يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)) [النحل: ٩٣] ((مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) [الأنعام: ٣٩]

وقوله: (يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا) يوفق من يشاء لسبل الخيرات، والأعمال الصالحات، ويعصم من الوقوع في الزلّات والسيئات، ويعافي من يشاء، وكل ذلك بفضله تعالى: ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) [الحجرات: ٧ - ٨] فضلٌ من الله ((وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ)) [إبراهيم: ١١]

فهو يهدي من يشاء بفضله وحكمته فيضع ولايته في موضعها فضلا منه وحكمة، ولهذا قال سبحانه: ((وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) [النساء: ٢٦]، ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) [الأنعام: ١٢٤]، ((ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا)) [النساء: ٧٠].

وقوله: (ويضل من يشاء) هذا قد نص الله عليه في كتابه في مواضع (١) كما قال تعالى: ((فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)) [إبراهيم: ٤].


(١) الرعد: ٢٧، والنحل: ٩٣، وفاطر: ٨.

<<  <   >  >>