للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه ما نقله عن المتن المنسوب للإمام وهو:

"قال المتعلم: أخبرني من أين ينبغي لنا أن نقول: إيماننا مثل إيمان الملائكة والرسل وقد نعلم أنهم كانوا أطوع لله منا؟

قال العالم: وقد نعلم أنهم كانوا أطوع لله منا، وقد حدثنا أن الإيمان غير العمل، فإيماننا مثل إيمانهم لأنا صدقنا بوحدانية الرب وربوبيته وقدرته بما جاء من عنده بمثل ما أقرت به الملائكة وصدقت به الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم. فمن ها هنا زعمنا أن إيماننا مثل إيمان الملائكة؛ لأنا آمنا بكل شيء آمنت به الملائكة مما عاينته الملائكة من عجائب الله تعالى ولم نعاينه " (١)

ثم شرحه مبيناً أن التصديق جنس واحد لا يفضل بعضه بعضاً، وعلل ذلك بقوله:

" لأن تصديق القلب هو الإيمان، فإذا اعتقد النبي صدق الله في أخباره، واعتقدنا صدقه في أخباره تعالى، كان جنس اعتقادنا بصدقه جنس اعتقاده بصدقه بلا تفاوت " (٢)

ثم أسهب في بيان أن فضل الأنبياء في الإيمان على سائر الخلق إنما هو بالنظر للعاقبة والثبات، فإيمان الأنبياء معصوم عن الردة والكفر بخلاف غيرهم فاحتمال طروء ذلك عليهم قائم.

وأخيرا أجاب عن إشكال وارد وهو إذا كان إيمان سائر البشر كإيمان الأنبياء، فلماذا فضل الله الأنبياء عليهم في الأجر والثواب؟ ‍ ونقل ما في المتن ثم شرحه وهو:

" قال المتعلم: لحسن ما فسرت، ولكن أخبرني: إن كان إيماننا مثل إيمان الرسل، أليس ثواب إيماننا مثل ثواب إيمانهم؟ فلم فضلهم علينا وقد استوينا في الإيمان في الدنيا واستوينا في ثواب الإيمان في الآخرة؟

وإن كان ثواب إيماننا في الدنيا دون ثواب إيمانهم، أليس هذا ظلماً إذا كان إيماننا مثل أيمانهم، ولم يجعل لنا من الثواب ما جعل لهم؟

قال العالم: قد أعظمت المسألة ولكن نثبت في الفتيا؛ ألست تعلم أن إيماننا مثل إيمانهم لأنا آمنا بكل شيء آمنت به الرسل، ولهم بعد علينا الفضل في الثواب على الإيمان وجميع العبادة؛ لأن الله تعالى كما فضلهم بالنبوة على الناس كذلك فضل صلواتهم وبيوتهم ومساكنهم وجميع أمورهم على غيرها من الأشياء.


(١) لوحة ٦١- ٦٢.
(٢) لوحة٦٢- ٦٣.

<<  <   >  >>