للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يظلمنا ربنا إذ لم يجعل لنا مثل ثوابهم؛ ولكنه كان إنما يكون الظلم إذا أنقصنا حقنا فأسخطنا، فأما إذا زاد أولئك ولم ينقصنا حقنا وأعطانا حتى أرضانا فإن ذلك ليس بظلم " (١) .

٢- أبو المعالي الجويني: كبير الاشعرية في عصره وشيخ أبي حامد الغزالي (٢) .

يقول: " فإن قيل: فما قولكم في زيادة الإيمان ونقصانه؟ قلنا: إذا حملنا على التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لا يفضل علم علماً (٣) ، ومن حمله على الطاعة سراً وعلنا - وقد مال إليه القلانسي (٤) - فلا يبعد على ذلك إطلاق القول بأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهذا مما لا نؤثره ‍.

فإن قيل: أصلكم يلزمكم أن يكون إيمان منهمك في فسقه كإيمان النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: النبي عليه الصلاة والسلام يفضل من عداه باستمرار تصديقه وعصمة الله إياه من مخامرة الشكوك واختلاج الريب.

والتصديق عرض (٥) لا يبقى، وهو متوال للنبي عليه الصلاة والسلام ثابت لغيره في بعض الأوقات، زائل عنه في أوقات الفترات (٦) ، فيثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أعداد من التصديق لا يثبت لغيره إلا بعضها، فيكون إيمانه بذلك أكثر.

فلو وصف الإيمان بالزيادة والنقصان وأريد بذلك ما ذكرناه لكان مستقيما فاعلموه " (٧)

وهذه النصوص تغني عما عداها، ومجرد الاطلاع عليها كاف في تصور فسادها والحكم بمخالفتها لصحيح المنقول وصريح المعقول!


(١) لوحة ٦٩.
(٢) توفي سنة ٤٨٧هـ وقد ندم آخر عمره على الاشتغال بعلم الكلام، وألف النظامية التي صرح فيها باعتقاد أهل السنة والجماعة، ولكنه لم يفرق بين تفويض المعنى وتفويض الكيفية في الصفات، فظن أن مذهبهم هو الأول.
(٣) أي في الماهية المجردة، أما في الآحاد والأعيان فالجويني وغيره معترفون بأن إمام مذهبهم "الشافعي" أعلم منهم وأن الناس أعلم من بعض
(٤) أبو العباس القلانسي أحد المتكلمين المنتسبين للأشعرى، لكنه موافق لأهل السنة في الإيمان، انظر: الإيمان لأبن تيمية، ص١١٤.
(٥) وهذا أثر آخر من آثار الفلسفة اليونانية ‍‍
(٦) ويمثلون لذلك بأوقات النوم والإغماء والغفلة حيث يزول العرض بزعمهم.
(٧) الإرشاد، ص ٣٩٩ - ٤٠٠.

<<  <   >  >>