للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمحبة لله ولرسوله والتعظيم لهما والخوف منهما "كذا" والعمل بالجوارح فليس بإيمان ... قال: وهذا قول يحكى عن الجهم بن صفوان " (١) .

ويقول الباقلاني - فى بيان ما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به - " وأن يعلم أن الإيمان بالله عز وجل هو التصديق بالقلب ... والدليل هو الإقرار بالقلب والتصديق قوله عز وجل: (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)

وقد أتفق أهل اللغة قبل نزول القران وبعث الرسول عليه السلام على أن الإيمان فى اللغة هو التصديق دون سائر أفعال الجوارح والقلوب " (٢) .

فهذا اتفاق بينهما على أن أعمال القلب والجوارح غير داخله فى الإيمان.

صحيح أن الجهمية تقول أن الإيمان المعرفة، والأشاعرية يقولون: الإيمان التصديق، ولكن ما تمحله الأشاعرة وتكلفوه من التفريق بين المعرفة وبين التصديق المجرد أمر لا يقبله العقلاء، ولهذا رد عليه شيخ الإسلام ابن تيميه قائلا: " إن الفرق بين معرفة القلب وبين مجرد تصديق القلب الخالى عن الانقياد - الذى يجعل قول القلب - أمر دقيق، وأكثر العقلاء ينكرونه، وبتقدير صحته لا يجب على كل أحد معرفة القلب وتصديقه، ويقولون، إن ما قاله ابن كلاب والأشعرى من الفرق كلام باطل لا حقيقة له، وكثير من أصحابه اعترف بعدم الفرق ... ."

إلى إن يقول: "والمقصود هنا أن الإنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق بين علمه بأن الرسول صادق، وبين تصديق قلبه تصديقا مجردا عن انقياد وغيره من أعمال القلب بأنه صادق (٣)


(١) مقالات الإسلاميين (١ / ١٣٠)
(٢) الأنصاف، ص ٢٢، وعن الرد على الأشاعرة فى هذا، انظر: الإيمان لابن تيميه مواضع كثيرة منها: ص ١٤١- ١٤٣، وص ١٧٨- ١٨٠.
(٣) الإيمان، ص ٢٨١ - ٢٨٣، وبهذا يظل الفرق الجهمية والأشاعرة هو أن الجهمية يثبتون الإيمان حتى مع إنكار اللسان، والأشاعرة ينفون الإيمان عمن صرح بالكفر بلسانه، لأن هذا عندهم دليل على عدم تصديق القلب، وعلى كل فاللوازم ليست كالأقوال، والرأى فيها محتمل.

<<  <   >  >>