للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شروط لا إله الله من انقياد وقبول ويقين وصدق وإخلاص ... الخ، وزعمهم أن هذا من ابتداع ابن تيميه أو محمد بن عبد الوهاب الذى لا اصل له فى كلام السلف (١) .

وهذا ما يعيدنا إلى قضية أهمية أعمال القلوب وضرورة بحث الحديث عنها وبيان منزلتها من الإيمان فلقد ترتب على إهمالها وإغفالها من الآثار المدمرة فى حياة الأمة الشىء الكثير، ومن أعظم ذلك انحسار مفهوم العبادة وتضييقه، وانتقاص توحيد الألوهية ووقوع الأمة فى الشرك الأكبر، حتى أصبحت المرجئة فى القرون الأخيرة تجاهر بإنكار دخول هذه الإعمال فى العبادة والتأله فقالوا: إن الرجاء والخوف والمحبة والتعظيم والرضا والتسليم والانقياد والطاعة ونحوها من تعبدات القلب - بل الدعاء والاستغاثة بالمخلوقين - لا علاقة لها بالشرك، ولا يسمى فاعلها لغير الله مشركا ما دام يقول: لا إله إلا الله ويعتقد بقلبه صدق الرسول فيما جاء به!!

وإنما الشرك بزعمهم اعتقاد القلب أن هذا المخلوق إله أو رب معبود، والكفر أن يعتقد بقلبه أن ما يفعله من الأعمال كفر، أما إذا عمل أعمال الكفر (٢) مع اعتقاده أن ذلك لا يخرجه من الملة فليس بكافر!!

وقد اصطدمت هذه الفكرة بالعقيدة السلفية بطبيعة الحال، وجرى بين المنهجين جولات ومعارك - أبرزها المعركة التي دارت أيام شيخ الإسلام ابن تيميه، ثم الجولة التي دارت بظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وما تزال المعركة قائمة على أشدها وما يزال مذهب المرجئة هو الطاغي على اكثر بقاع العالم الإسلامي.

وهكذا ظلت هذه القضية هى جوهر كل الدعاوى التي أشهرها المؤلفون الإرجائيون على عقيدة السنة والجماعة باسم الرد على ما أسموه " الوهابية " (٣) .

كما أنها ظلت كذلك بعد استفحال شرك التشريع، وظهور الدعاة الذين أعلنوا أن تحكيم غير شرع الله كفر أكبر ينافى شهادة أن لا إله إلا الله.


(١) معلوم إن أهل السنة استدلوا عليهم بوجود هذه الشروط فى أكثر الأحاديث مثل " من قال: لا غله إلا الله مستيقنا "مخلصا" ... .الخ ولكن التأصيل الكامل لشطر الإيمان القلبى لم يتفطن له فيما أعلم.
(٢) كالتشريع من دون الله فى عصرنا الحاضر
(٣) وهى كتب كثيرة جم بعضها مؤلفو " براءة الأشعرين " (٢/٢١٤) ، وهو من أوسع كتبهم فى الإرجاء والاحتجاج للشرك بتقليص مفهوم العبادة - حتى لقد وصل بهم التمادى إلى إخراج شعائر التقرب والتنسك كالنذر والتوسل والذبح والتعظيم من مسمى العبادة، بل صرحوا بأن السجود للصنم ليس بكفر لذاته، انظر (١/١٢٤- ١٦٣) ، ومن العجيب إن بعض من ينتسب للسلف يوافقهم فى بعض الأمر.

<<  <   >  >>