للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا اقتضى الأمر تفصيل الحديث عن بعض أعمال القلوب، وهو ما سنشرع فيه بإذن الله.

١ - الرضا:

كلمة الرضا تجمع بين شرطين من الشروط إلى ذكرها بعض العلماء لشهادة أن لا إله إلا الله وهما " القبول والانقياد " بل الرضا أعلى منهما وأشمل (١) وقد أثرته لذلك ولكونه لفظا شرعيا ورد فى الكتاب والسنة.

وحسبك فى تعظيمه قوله تعالى:

(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)

فما رضيه الله لنا وهو الغنى الحميد، فنحن أولى أن نرضى به وأحق.

فالرضا بالدين هو " أساس الإسلام وقاعدة الإيمان، فيجب على العبد أن يكون راضيا به بلا حرج، ولا منازعة، ولا معارضة، ولا اعتراض، قال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) " النساء:٦٥"

فأقسم أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله وحتى يرفع الحرج من نفوسهم من حكمه، وحتى يسلموا لحكمه تسليما وهذه حقيقة الرضا بحكمه (٢) .

وليس هذا الرضا على درجة واحدة، بل هو - كما فى الآية - على ثلاث مراتب " فالتحكيم فى مقام الإسلام، وانتفاء الحرج فى مقام الإيمان، والتسليم فى مقام الإحسان (٣) فمن لم يرض بتحكيم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فى أصول الدين وفروعه الشريعة ويتحاكم إليه، فهو معترض بنوع من أنواع الاعتراض الآتى تفصيلها فلهذا لا يكون مسلما - وإن رغم ذلك، كما قال تعالى فى الآيات التي قبلها: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ


(١) الرضا يتضمن الصبر والمحبة تتضمن الرغبة.
(٢) مدارج السالكين ٢ / ١٩٢
(٣) المصدر نفسه

<<  <   >  >>