للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - الرضا بالله وليا لا شريك له في محبته وموالاته:

(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) " الأنعام: ١٤ ".

وقد شرح ذلك الإمام ابن القيم فقال: " الرضا بالله ربا: إلا يتخذ ربا - غير الله تعالي - يسكن إلى تدبيره وينزل به حوائجه، قال تعالي: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) " الأنعام: ١٦٤ "

قال ابن عباس رضي الله عنهما: " سيدا والها "، يعني فكيف اطلب ربا غيره وهو رب كل شيء؟ وقال في أول السورة: (قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السموات والأرض) " الأنعام: ١٤ ".

يعني معبودا وناصرا ومعينا وملجأ، وهو من الموالاة التي تتضمن الحب والطاعة.

وقال في وسطها: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا) " الأنعام: ١١٤ ".

أي أفغير الله ابتغي من يحكم بيني وبينكم فنتحاكم إليه فيما اختلفنا فيه؟ وهذا كتابه سيد الحكام، فكيف نتحاكم إلى غير كتابة؟ وقد أنزله مفصلا مبينا كافيا شافيا؟!

وأنت إذا تأملت هذه الآيات حق التأمل، رايتها هي نفس الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد صلي الله عليه وسلم رسولا، ورأيت الحديث يترجم عنها، ومشتقا منها، فكثير من الناس يرضي بالله ربا ولا يبغي ربا سواه، لكنه لا يرضي به وحده وليا وناصرا، بل يوالي من دونه أولياء ظنا منه انهم يقربونه إلى الله، وان موالاتهم كموالاة خواص الملك، وهذا عين الشرك، بل التوحيد، إلا يتخذ من دونه أولياء، والقران مملوء من وصف المشركين بأنهم اتخذوا من دونه أولياء.

وهذا غير موالاة أنبيائه ورسله وعباده المؤمنين فيه، فان هذا من تمام الإيمان ومن تمام موالاته، فموالاة أوليائه واتخاذ الولي من دونه لون، ومن لم يفهم الفرقان بينهما فليطلب التوحيد من أساسه، فان هذه المسالة اصل التوحيد وأساسه.

<<  <   >  >>