للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما كتب الفروع فلكونها تبحث في أحكام أعيان المكلفين وتفصيل أحوالهم،ومقصودها غالبا إجراء الحكم الظاهر - كان التارك عند مصنفيها اسما عاما يتناول آحادا كثيرة، فيتكلمون عن التارك الجاحد للوجوب، والتارك المتكاسل والترك لفريضة واحدة، فيشمل كلامهم من جهة الباطن تارك عمل القلب، وضعيفه، والمتردد بين ضعف الإيمان والنفاق المحض (١) .

والآيات الواردة في ترك الصلاة إنما هي في الكفار، كقوله تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ»

وقوله: «فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (*) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى»

وقوله: «مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (*) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (*) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» .

وفي هذا دليل على أن من تركها كافر لا حظ له في الإسلام وإن ادعاه، وأيضا أن التارك هو من لا يصلى بإطلاق؛ لأن الكافر كذلك، بقوله، فقوله صلى الله عليه وسلم: " من تركها فقد كفر " وغيره من الأحاديث؛ يفسر هذا.

فمن ترك الصلاة بالكلية فهو من جنس هؤلاء الكفار، ومن تركها في أكثر أحيانه فهو إليهم أقرب، وحاله بهم أشبه، ومن كان يصلى أحيانا ويدع أحيانا فهو متردد متذبذب بين الكفر والإيمان، والعبرة بالخاتمة.

وقد يلتبس على بعضهم ما جاء في ذلك من ألفاظ النصوص، مثل:

(الإضاعة) و (ترك المحافظة) بالترك الكلى، فالإضاعة كما في قوله تعالى: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ» ، ولذلك نص ابن مسعود وغيره على أن الإضاعة هى التأخير، ولو تركوها لكانوا كفارا (٢) .


(١) والمؤسف مع أن هذا الشيخ الألباني حفظه الله أخذ بكلام أهل الإرجاء المحض من غير تفصيل؛ حيث جعل التارك الكلى مؤمنا من أهل الشفاعة، وركب رسالته كلها على هذا!!
(٢) انظر: الطبرى، وابن كثير، والدر المنثور، وأضواء البيان عن هذه الآية، وأما لفظ التفريط الوارد في مسائل الإمام أحمد فليس هو في الترك، وإنما هو فيمن حسب غير العذر عذراً - كحال كثير من الناس الذين إذا مرضوا تركوا الصلاة، فإذا شفوا سألوا ماذا نفعل؟ أما من تركها غير ملتزم بها فلا يقول أحمد رحمه الله ولا غيره ممن يرة التكفير به أنه يقضيها؛ لأنه كفر، وتوبة الكافر التزامه بالشرائع التي كفر بها بترك الالتزام بها، سواء أكانت الصلاة أم الزكاة أو غيرها، ولو أن الشيخ الألباني حفظه الله تأمل هذا لما ورد فى رسالته، صلى الله عليه وسلم ٥٧، أو لأورده على سبيل الاحتمال لا الجزم.

<<  <   >  >>