للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترك المحافظة - كما فى حديث عبادة بن الصامت " من لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة " (١) ، وهو غير الترك الكلى الذي هو الكفر.

ومن ذلك لفظ (الجحد) ، فهي لا تعني أحيانا عند السلف إلا الترك - كما تقدم -، فيخطئ بعض المتأخرين فيجعلها مقابل التارك ويفترض الخلاف، والواقع أن لا خلاف، وكل تفريق لم يرد في النصوص لا يصح اعتباره، والنصوص المطلقة لا جوز حملها على أحد المعنيين دون الآخر، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وأما الذين لم يكفروا بترك الصلاة ونحوها، فليس لهم حجة وإلا وهي متناولة للجاحد كتناولها للتارك، فما كان جوابهم عند الجاحد كان جواباً عند التارك، مع أن النصوص علقت الكفر بالتولي " (٢) يعني الآيات، والأحاديث أكثرها جاء بلفظ الترك، ولفظ الجحد لم يأت غالبا إلا في كلام السلف، ويقصدون به الترك والتولي لا عدم الإقرار بالوجوب.

وكذلك الكسل والتهاون والسهو عنها لا يعني الترك المطلق، ولهذا تعجب لمن يقول: " إذا تركها كسلا وتهاونا حتى يقتل " ونحوه، إذ يستحيل عقلا وواقعا أن يفضل السيف على الصلاة لمجرد الكسل ونحوه، فأي كسل يبقى والسيف على رأسه؟!

فإن هذا تارك للإقرار والالتزام بها، وليس متكاسلا عن الأداء، والمتكاسل هو المتخاذل المهمل في العمل، الذي متى توافر الداعي للأداء عمل، وإذا ضعف الداعي فتر وأنقطع - كما قال تعالى: «وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى» وقال: «ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى» ، وهذا من


(١) انظر كلام شيخ الإسلام عن الحديث (٧ / ٥٧٨) ، (٧ / ٦٤١) من مجموع الفتاوى، وكذلك في ج ٢٢، وقد نقله الشيخ الألباني في رسالته حكم تارك الصلاة، صلى الله عليه وسلم ٤٤ - ٤٦، ولكن صاحب التقديم استدل بالحديث على أن تارك الصلاة لا يكفر، بل هو تحت المشيئة، قارن بين صلى الله عليه وسلم ١٢ منها مع ما سنفصله عند الكىم عن حديث الجهميين.
(٢) ٧ / ٦١٣) من مجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>