للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعف الهمة في العمل، فإذا أشتد به ضعفها ترك العمل نفسه أو أخره عن وقته ونقرها نقر الغراب، والمقصود أن هذا شيء وترك الالتزام بالأداء شيء أخر.

ومن ذلك لفظة (الامتناع) ، فإنها تطلق على من يتعذر أو يتخلف أو يتلكأ، بخلاف ما يقوله العلماء في الطائفة الممتنعة، وهي التي تجتمع على ترك واجب أو فعل محرم، فهذا الاجتماع والمقاتلة دليل على عدم الالتزام بالأمر، ومن هنا كان قتالها قتال ردة كما سبق.

* الخامس: أن حقيقة الخلاف بين من يرى قتل تارك الصلاة كفرا وبين من يرى قتله حدا؛ لأن القول بأنه يحبس ويضرب مهما أصر على الترك قول شاذ، وصلته بالإرجاء جلية؛ سواء من جهة القائلين به أو من جهة مضمونة.

وعليه إذا تأمل الفقيه وجد أن كل ما أستدل به من يرى قتله حداً يصلح دليلاً لمن يرى قتله كفرا ولا عكس، فاجتمع للقائل بقتله كفراً أدلته وأدلة غيره، وإن شئت فقل: إن الأدلة في قتله والأدلة في تكفيره تجتمع بلا تعارض، فثبت أن قتله كفراً هو وحده الصحيح (١) ، لا سيما مع ما سبق من بيان استحالة أن يرضى مؤمن بأن يقتل ولا يصلي، فهذا لا يفعله إلا كافر معاند.

وعلى هذا يقاس غيرها من الأركان.

ومثل ما جاء من الوعيد في ترك المحافظة على الصلوات - كحديث عبادة - أو إضاعتها أو السهو عنها - ما جاء من الوعيد في ترك الزكاة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرنها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس " (٢)

وقد جاء في بعض الروايات: " حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار "،

فقد يستدل على تارك الزكاة بإطلاق داخل تحت المشيئة، فلا يكون كافرا، أو على التفريق بين تارك الصلاة والزكاة (٣) ، وليس الأمر كذلك لوجوه:


(١) ومما يبين ذلك - من جهة الأصول والاستنباط - أن تارك الصلاة إذا تاب وصلى لا يقتل الجميع، فهذا دليل على أنه لو قتل لقتل كفرا؛ لأن الحدود لا تسقط بالتوبة، أما المرتد أو المنافق فيقبل توبته ولا يعاقب.
(٢) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب فيمن لا يؤدي الزكاة.
(٣) كما فعل الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه " تعظيم قدر الصلاة "

<<  <   >  >>