للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: وَقَدْ رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ قَبْلَ [ (١) ] ضَمْضَمَ بْنِ عَمْرٍو رُؤْيَا رَأَتْهَا فَأَفْزَعَتْهَا، وَعَظُمَتْ فِي صَدْرِهَا. فَأَرْسَلَتْ إلَى أَخِيهَا الْعَبّاسِ فَقَالَتْ:

يَا أَخِي، قَدْ رَأَيْت وَاَللهِ رُؤْيَا اللّيْلَةَ أَفْظَعْتهَا، وَتَخَوّفْت أَنْ يَدْخُلَ عَلَى قَوْمِك مِنْهَا شَرّ وَمُصِيبَةٌ، فَاكْتُمْ عَلَيّ أُحَدّثْك مِنْهَا. قَالَتْ: رَأَيْت رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ حَتّى وَقَفَ بِالْأَبْطَحِ، ثُمّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا آلَ غُدَرَ [ (٢) ] ، انْفِرُوا إلَى مَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ! فَصَرَخَ بِهَا ثَلَاثَ مَرّاتٍ، فَأَرَى النّاسَ اجْتَمَعُوا إلَيْهِ، ثُمّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنّاسُ يَتْبَعُونَهُ إذْ مَثَلَ بِهِ [ (٣) ] بَعِيرُهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَصَرَخَ بِمِثْلِهَا ثَلَاثًا، ثُمّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ، ثُمّ صَرَخَ بِمِثْلِهَا ثَلَاثًا. ثُمّ أَخَذَ صَخْرَةً مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ فَأَرْسَلَهَا، فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي حَتّى إذَا كَانَتْ بِأَسْفَلِ الْجَبَلِ ارْفَضّتْ، فَمَا بَقِيَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ مَكّةَ، وَلَا دَارٌ مِنْ دُورِ مَكّةَ، إلّا دَخَلَتْهُ مِنْهَا فِلْذَةٌ. فَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يُحَدّثُ فَيَقُولُ:

لَقَدْ رَأَيْت كُلّ هَذَا، وَلَقَدْ رَأَيْت فِي دَارِنَا فِلْقَةً مِنْ الصّخْرَةِ الّتِي انْفَلَقَتْ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، فَلَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عِبْرَةً، وَلَكِنّ اللهَ لَمْ يُرِدْ أَنْ نُسْلِمَ يَوْمَئِذٍ لَكِنّهُ أَخّرَ إسْلَامَنَا إلَى مَا أَرَادَ.

قَالُوا: وَلَمْ يَدْخُلْ دَارًا وَلَا بَيْتًا مِنْ دُورِ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا بَنِي زُهْرَةَ مِنْ تِلْكَ الصّخْرَةِ شَيْءٌ. قَالُوا: فَقَالَ أَخُوهَا: إنّ هَذِهِ لَرُؤْيَا! فَخَرَجَ مُغْتَمّا حَتّى لَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا، فَذَكَرَهَا لَهُ وَاسْتَكْتَمَهُ، فَفَشَا الْحَدِيثُ فِي النّاسِ. قَالَ [ (٤) ] : فَغَدَوْت أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ فِي رَهْطٍ


[ (١) ] أى قبل مجيء ضمضم.
[ (٢) ] قال السهيلي: أما أبو عبيد الله، فقال فى المصنف: تقول يا غدر، أى يا غادر، فإذا جمعت قلت يا آل غدر. (الروض الأنف، ج ٢، ص ٦١) .
[ (٣) ] مثل به: قام به. (شرح أبى ذر، ص ١٥٣) .
[ (٤) ] أى قال العباس.