للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موصوفةَ المذكورِ بعدَ ((لا سيما)) مخرجٌ مما قبلَها من حيثُ كونُه أولى بحكمهِ فهوَ مستثنى من هذه الحيثيةِ، ويجوزُ جرُّ ما بعدها بإضافةِ ((سيّ)) إليهِ، و ((ما)) زائدةٌ أو نكرةٌ غيرُ موصوفةٍ، والاسمُ بعدَها بدلٌ منها، ويجوزُ رفعُه بقلَّةٍ وهو خبرُ مبتدأ محذوف، و ((ما)) بمعنى الذي، ويُنصبُ الاسمُ بعدَهَا سماعَاً.

ورُويَ بالأوجهِ الثلاثةِ قولُ امرئ القيسِ:

... ... ... ... ... ... ... ولا سِيما يوماً بدَارةِ جُلْجُلِ (١)

وتكلّفوا له وجوهاً: منها تقديرُ فعلٍ نحو: أعني.

وتصرَّفوا في هذه اللفظةِ تصرفاتٍ كثيرةً، لكثرةِ دَوْرِها، فربما حُذفت لامُها، وربما دخلتْ عليه مُخففة، أو مُثقلة مع حذفِ ((لا)) ووجودِها [مع] (٢) واوٍ كهذا البيت، وهي اعتراضيةٌ؛ لأنَّها معَ ما بعدها بتقديرِ جملةٍ مستقلةٍ نحو: فأنتِ طالقٌ، والطلاقُ البتةُ ثلاثاً.

فمعنى جاءني القومُ لا سيما زيدٌ: لا مثلهُ موجودٌ بين القومِ الجائينَ، أي: أنَّه كانَ أخصَّ بي وأشدَّ إخلاصاً في المجيءِ، وخبرُ ((لا)) - وهي للتبرئةِ - محذوفٌ، وقد يحذفُ بعدها ك: أنا أحبُّ زيداً لا سيما راكباً، أو إن رَكبَ، فيصيرُ من باب الاختصاصِ، أي: أخصُّهُ بالمحبةِ خصوصاً حالَ كونهِ راكباً.

وجوابُ الشّرطِ - إنْ كانَ ما بعدها شرطاً - مدلولٌ خصوصاً.

فتقديرُ ((ما)) هنا على الجر لا مثل كونِ بعض المتأخرينَ، وعلى الرفعِ لا مثل الذي هو كونُ بعضِهِم فيهِ، وعلى تقديرِ الواوِ لا مثل الذي هو معرضٌ عنهُ أو

غيرُ ملتفتٍ إليه إن كانَ إلى آخرهِ وعلى الاختصاصِ.


(١) هذا عجز بيت لأمرئ القيس. وصدره:
ألا رُبَّ يومٍ لي مِنَ البيضِ صالحٍ
انظر: جمهرة أشعار العرب: ١٤٨، والصاحبي في فقه اللغة لابن فارس: ٢١٧.
(٢) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، والسياق يقتضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>