للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولى: مَنْ طالت ملازمتهُ لهُ، بل ما انفكَّ عنهُ حتى كانَ يُزَامله على الراحلةِ في السفرِ، وَيلازمهُ في الحضر مع الإتقانِ التامِّ.

الثانيةُ: مَنْ هم دونَ هؤلاءِ في الإتقانِ، وَالملازمةِ.

الثالثة: مَنْ لم يلازم أَصلاً، أَو إلا يسيراً مع إتقانٍ، وَلكنهُ دونَ إتقانِ منْ قبلهُ.

الرابعةُ: مَنْ يطلقُ عليهِ اسمُ الصدقِ، ولم يَسلمْ مِنْ غوائلِ الجرحِ.

الخامسةُ: الضعفاءُ.

فالبخاريُّ يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى، وعن أعيانِ الطبقةِ الثانيةِ، وإنْ أخرجَ عنِ الثالثةِ فيقلُّ جداً، ويتلابقُ فيهِ بحيثُ إنَّهُ لا يسوقهُ مساقَ الكتابِ بحدثنا، وأخبرَنا، بل يقولُ: روى فلانٌ، وقالَ فلانٌ، وتابعهُ فلانٌ، ونحوَ ذَلِكَ، قالَ: وهذا مما رُجِّحَ بهِ البخاريُّ على مسلمٍ؛ فإنَّ مسلماً يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى إنْ وجدَ، ثمَّ حديث الثانيةِ كاملاً، ثمَّ عن أعيانِ الثالثةِ، ثمَّ يقلُّ جداً عن الرابعةِ، ويؤخرُ حديثهمْ، فيجعلهُ على وجهِ المتابعةِ، لكنهُ يسوقُ الكلَّ مساقاً واحداً بحدّثنا وأخبرنا، فلا يميزه إلا عارفٌ بالفنِ بأمورٍ خارجيةٍ. قالَ: وأيضاً فإنَّ (١) البخاريَّ إذا أخرجَ عن منْ تكلمَ في حديثهِ أقلّ جداً مما يخرجُ عنهُ، وأكثرهم منْ مشايخهِ، أو مَن قَرُبَ منهم، فيغلبُ على الظنِّ أنَّهُ أطلعَ (٢) على صحةِ ذَلِكَ الخبرِ الذي يخرجهُ عن أحدهم بأمورٍ خارجيةٍ / ٣٩ أ / ومسلمٌ بخلافِ ذَلِكَ، قالَ: ويأتي في كلامِ الحازميِّ أيضاً ما تقدمَ في كلامِ ابنِ طاهرٍ مِنْ أَنَّ هذا الذي قررهُ هوَ الأصلُ، وقد يخرجانِ عنهُ لمصلحةٍ يرَيانها)) (٣).


(١) ((فإن)) لم ترد في (ف).
(٢) في (ف): ((أطلق)).
(٣) شروط الأئمة الخمسة: ٥٧ - ٦٠، وانظر: شرح علل الترمذي ٢/ ٦١٣ - ٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>