للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (بعض المتأخرينَ) (١) إنما عزاهُ، ولم يجزمْ بهِ من عندِ نفسهِ، لتخصيصِ هذا المتأخرِ الاحتراز بهذينِ النوعينِ، وينبغي تعميمُ الاحترازِ في كلِّ مالم يتصل سندهُ، ويمكنُ الاعتناءُ بهذا المتأخرِ، فيعممُ كلامهُ بأنْ يقالَ: إنَّهُ لم يردّ بالانقطاعِ معناهُ الاصطلاحيَّ، بل أرادَ كلَّ خللٍ ظاهرٍ في السندِ من جهةِ الاتصالِ، وأرادَ بالتدليسِ كلَّ خللٍ خفيِّ من تلكَ الجهةِ، فالمنقطعُ لم يعرف مخرجهُ؛ لأنَّ موضعَ الانقطاعِ لم يعرفِ الراوي الساقطَ منهُ، الذي خرجَ عنه الحديثُ.

قوله: (قبل أن يتبينَ تدليسه) (٢) هو مصدرٌ، مرادٌ بهِ اسمُ المفعولِ، أي: قبلَ أن يتبينَ مُدلَّسُهُ (٣)، أي: الراوي الذي دَلّسَ المدلِسُ ذلكَ الحديثَ عنه، فإذا تبيّنَ أنَّهُ لم يسمع من ذلكَ الذي عنعنهُ عنه، وصرّحَ بالواسطةِ، فقد تبيّنَ تدليسُه، وإذا بينَ الواسطةَ اعتبرناها، فإن أبرزَها بالعنعنةِ أيضاً، كان كأنَّهُ لم يبيّنْ، فيوقفُ حتى يبينَ السماعَ، وإنْ أبرزَها بصيغةٍ من صيغِ السماعِ، فيعتبرُ حالُ الواسطةِ / ٦٠ أ / في الشهرةِ بالصدقِ، وعدمها.

قولهُ: (وأيضاً فالصحيحُ قد عرفَ مخرجه ... ) (٤) إلى آخره.

قال شيخُنا: ((يعتنى بالخطابيِّ، فيقالُ: الحيثيةُ هنا مرعيةٌ؛ لأنَّهُ قد عرفَ الصحيحَ والضعيفَ، فينْزلُ حدَّ الحسنِ على مالم يكن ذكرهُ في حدِّ واحدٍ منهما، وهوَ الأمرُ المتوسطُ بينهما فـ ((عرفَ مخرجهُ)) بمعنى: لم يفقد سندُهُ الاتصالَ ظاهراً، كالانقطاعِ، والإرسالِ، ونحوهما، ولا خفياً، كالتدليسِ، ((واشتهرَ رجالهُ)) يعني: بالصفاتِ المتوسطةِ بينَ صفاتِ الصحيحِ والضعيفِ، فلا يشترطُ أنْ يبلغوا


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٢.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٢.
(٣) جاء في حاشية (أ): ((أي: الشخص)).
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٢، وهو كلام ابن دقيق العيد في الاقتراح: ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>