للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاتقانَ المشروطَ في رواة الصحيحِ، بل يكونُ إتقانُهم دونَ ذلكَ، ولا ينْزلونَ في خفةِ الضبطِ إلى القدرِ الموصلِ إلى الضعيفِ. وذكرَ الشيخُ في " النكت " (١) أنَّ قولَ الخطابيِّ: ((ما عرفَ مخرجه)) كقولِ الترمذيِّ: ((ويُروَى نحوه من غيرِ وجهٍ)). وقول الخطابيِّ: ((اشتهرَ رجالهُ)) يعني بالسلامةِ من وصمةِ الكذبِ، هوَ كقولِ الترمذيِّ: ((ولا يكونُ في إسناده مَن يُتهمُ بالكذبِ) وزادَ الترمذيُّ: ((ولايكونُ شاذاً)).

ولا حاجةَ إلى ذكرهِ؛ لأنَّ الشاذَّ ينافي عرفانَ المخرجِ، فكأنَّهُ كررهُ بلفظٍ متباينٍ، فلا إشكالَ فيما قالاه. ثم اعترضَ (٢) عليهِ بأنَّ كلامَ الخطابيِّ لا يدلُّ على ما قالهُ أصلاً، وأنَّ ما رآهُ (٣) في كلامِ بعضِ الفضلاءِ (٤) بأنَّهُ احترازٌ عن المرسلِ ونحوهِ أحسنُ؛ لأنَّ المرسلَ الذي سَقطَ بعضُ إسناده، وكذا المدلَّسُ الذي سقطَ منهُ بعضهُ، لا يعرفُ فيهما مخرجُ الحديثِ؛ لأنَّهُ لا يُدرَى مَن سَقطَ من إسنادهِ، بخلافِ مَن أبرزَ جميعَ رجالهِ، فقد عرفَ مخرج الحديثِ من أينَ؟)) (٥).

انتهى. / ٦٠ب /.

قلتُ: وقد يُروَى الحديثُ من وجوهٍ كثيرةٍ متباينةٍ، ويكونُ في كلٍ منها سَقطٌ، فتكونُ مجهولةَ المخرجِ.

وقولهُ: (إنَّ الشاذَّ ينافي عرفانَ المخرجِ) (٦) ممنوعٌ، فإنَّه ما يخالفُ الثقةُ فيهِ مَن هوَ أوثقُ منهُ، فقد عرفَ مخرجهُ، وقد يكونُ راويهِ متعدداً، ويخالفهم مَن هوَ في


(١) التقييد والإيضاح: ٤٤.
(٢) جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن حجر)) والاعتراض للعراقي.
(٣) كتب ناسخ (أ) تحتها: ((أي: العراقي)).
(٤) جاء في حاشية (أ): ((وهو المعبر عنه في الشرح ببعض المتأخرين)).
(٥) التقييد والإيضاح: ٤٤.
(٦) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٢ بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>