للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعَن " شرحِ مسلمٍ " (١) عَن آخرينَ: ((إنَّ ذلكَ الفِعلَ إنْ كانَ مِمَّا لا يخفَى غَالباً كانَ مرفوعاً، وإلا كَانَ مَوقوفاً، وبِهذا قَطعَ الشَيخُ أبو إسحاقَ الشيرازي)). انتهى.

قالَ شَيخُنا -رحمهُ اللهُ-: ((ولم يتعرضِ الشيخُ، ولا ابنُ الصلاحِ لقولِهم: ((ما كنَّا نَرى بالأمرِ الفُلانِي بأساً)) وكذلكَ جَميعُ العِباراتِ المُصدرةِ بالنَفي، وذلكَ موجودٌ في عباراتِهِم، وحُكمُهُ حكمُ ما تقدَّمَ)).

قُلتُ: بل قَد ذَكَرَ الشيخُ لهُ مثالاً، وهوَ قولُ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنهَا-: ((كانتِ اليدُ لا تُقطعُ في الشيءِ التافهِ)) (٢)، وعزاهُ لابنِ الصَباغِ (٣) / ١٠٣ ب /. وتقدّمَ أيضاً عنِ ابنِ الصَلاحِ: ((كنَّا لا نَرى بأساً بِكَذا)) (٤) وسَكتَ ابنُ الصَلاحِ عَن قولِ التابعي: ((كُنَّا نَفعلُ كَذا))، ونحوهِ، وعن قَولهِ: ((أمرنا بكذا)) وقوله: ((من السُنةِ كَذا)) وذَكَرَها الشَيخُ في "النُكَتِ" قالَ: ((فأمَّا المسألةُ الأُولى: فَإذا قالَ التابعيُ: ((كنا نفعلُ)) فليسَ بمرفوعٍ قَطعاً، وهل هُو موقوفٌ؟ لا يخلُو أمَّا أَنْ يُضيفَه إلى زمنِ الصَحابةِ، أم لا. فإنْ لَم يُضفهُ إلى زَمنِهم، فَليسَ بموقوفٍ أيضاً، بل هوَ مقطوعٌ، وإنْ أضافهُ إلى زَمنهِم فَيحتملُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ موقوفٌ؛ لأنَّ الظاهرَ اطلاعُهم على ذلكَ، وتقريرُهم، ويحتملُ أنْ يقالَ: ليسَ بموقوفٍ أيضاً؛ لأنَّ تقريرَ الصحابي قَد لا يُنسبُ إليهِ، بِخلافِ تقريرِ النَبي - صلى الله عليه وسلم -، فَإنَّهُ أحدُ وجوهِ السُننِ.


(١) ١/ ٣١.
(٢) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٨١٠٥)، وابن حزم في " المحلى " ١١/ ٣٥٢ من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (١٨٩٥٩)، وابن أبي شيبة (٢٨١٠١)، والبيهقي ٨/ ٢٥٥ من طرق عن هشام، عن أبيه مرسلاً، وهو أرجح.
(٣) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٩٢، والنكت لابن حجر ٢/ ٥١٨ وبتحقيقي: ٢٩٨.
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>