للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا إذا قالَ التابعيُّ: ((كَانوا يَفعلونَ كَذا)) فقالَ النَوويُّ في "شَرحِ مُسلِمٍ" (١): ((إنَّهُ لا يَدلُّ على فعل جَميعِ الأُمةِ، بل على البَعضِ، فَلا حُجةَ فِيهِ، إلا أنْ يُصرحَ بنقلهِ عَن أهل الإجماعِ، فيكونَ نَقلاً للإجماعِ، وفي ثُبوتهِ بخبرِ الواحدِ خِلافٌ)).

وأمَّا المسألةُ الثانيةُ: فإذا قالَ التَابعيُّ: ((أُمرنا بكَذا))، أو ((نُهينا عَن كَذا)) فَجزمَ أبو نَصرِ بنُ الصباغِ في كِتاب "العُدةِ في أُصولِ الفقهِ" أنَّهُ مُرسلٌ، وذكرَ الغزاليُّ في "المستصفَى" (٢) فيهِ احتمالينِ مِن غيرِ ترجيحٍ: هل يكونُ موقوفاً، أو مرفوعاً مُرسلاً؟ وحَكى ابنُ الصباغِ في "العُدةٍ" وجهينِ فِيما إذا قالَ ذلكَ سَعيدُ

/ ١٠٤ أ / ابنُ المُسَيّبِ، هل يكونُ ذلكَ حُجةً، أَم لا (٣)؟.

وأمَّا المسألةُ الثالثةُ: إذا قالَ التَابعيُّ: ((منَ السُنةِ كَذا) كَقولِ عُبيدِ اللهِ ابنِ عَبدِ اللهِ بن عُتبةَ: ((السُنةُ تكبيرُ الإمامِ يومَ الفِطرِ، ويوم الأضحَى، حينَ يَجلسُ على المنبرِ قبلَ الخُطبةِ تَسعَ تكبيراتٍ))، رواهُ البيهقيُّ في "سُننهِ" (٤)، فَهل هوَ مُرسلٌ مرفوعٌ، أو موقوفٌ متصلٌ؟ فيهِ وَجهانِ لأصحابِ الشافِعي، حكاهُما النوويُّ في "شَرحِ مُسلمٍ" (٥)، و"شَرح المهذَّبِ" (٦)، و"شرحِ الوسيطِ"، قالَ: ((والصَحيحُ أَنَّهُ موقوفٌ)). انتهى.

وحكى الدَاوودِيُّ في "شَرحِ مختَصرِ المُزني": أنَّ الشَافعيَّ كانَ يرى في القديمِ أَنَّ ذلكَ مرفوعٌ، إذا صَدرَ من الصحابي أو التابعي، ثُمَّ رجعَ عنهُ؛ لأنَّهم قَد


(١) شرح صحيح مسلم ١/ ٢٤.
(٢) المستصفى ١/ ١٣١.
(٣) نقله الزركشي في " البحر المحيط " ٤/ ٣٧٩.
(٤) السنن الكبرى ٣/ ٢٩٩.
(٥) ١/ ٣١.
(٦) ١/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>