للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تطوعاً مِنهمَا بالغُسلِ.

قالَ الشافعيُ: فقلتُ لهُ: الأغلبُ (١) أنَّ عائشةَ لا تقولُ: ((إذا مسَّ الختانُ الختانَ فَقد وجبَ الغُسلُ)) إلا خَبراً، وتقولُ: ((فعلتهُ أنَا ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

فاغتسلنا)) إلا خَبراً عَن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بوجوبِ الغُسلِ منهُ، قالَ: فيحتملُ أَنْ يكونَ لمَّا رأتِ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - اغتسلَ اغتسلتْ رَأتهُ وَاجباً، ولم تَسمع مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - إيجابَهُ، قُلتُ: نَعمْ، قالَ: فَليسَ هَذا بخبرٍ عَن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَقلتُ: الأغلبُ أنَّهُ خبرٌ عنهُ. (٢) انتهى.

ومن أمثلتهِ الحَسنةِ ما قالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ مُحمدُ بنُ نصرٍ المروزيُّ في كتابِ "قيام الليلِ": ((حدّثنا مُحمدُ بنُ يحيى، حدثَنا مؤملُ بنُ الفَضلِ، حدّثَنا عيسى بنُ يونسَ، عن أبي مالِكٍ - يعني: النَخعي-، حدثنا زيادُ بنُ فياضٍ، عنَ سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- قالَ: ((التقى ملكانِ في صلاةِ /١٠٨ أ/ المغربِ، فقالَ أحدهُما لصاحبهِ: اصعَد بِنا، فقالَ: إنَّ صَاحبي لَم يُصلِ، قالَ: فَمِن أجل ذلِكَ يُكرهُ أن يُؤخرَ المغرب)))).

ولو قالَ شيخُنا البُرهان:

قُلتُ: وَعن فقيهِ مِصرَ البارعِ ... نَصٌّ بهِ عن الإمامِ الشَافعيِّ

لكانَ أحلى.

قولُهُ: (نَحوَ مَن أتى) (٣) هَذا المثال ليسَ بصحيحٍ؛ لأنَّهُ يُمكنُ أنْ يُقال مِن جهةِ الرَأي، فَإنَّ الحديثَ جاءَ في بعضِ طرقهِ تَقييد الكُفرِ بأن يصدقهُ، والعرَّافُ يَدّعي عِلمَ الغيبِ، فَمن صدَّقهُ في هَذهِ الدَعوى، فَقد كذبَ بقولِهِ تَعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي


(١) في (ب): ((ألا علمت)).
(٢) اختلاف الحديث: ٦٣.
(٣) التبصرة والتذكرة (١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>