للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَابعيٌّ وَصَحابيٌّ؛ لأنَّ فرضَ المَسألةِ أنَّهُ تَابعيٌّ صَغيرٌ يكثرُ الروايةَ عَن التابعينَ؛ فصارَ السَاقِطُ اثنينِ مُتواليينِ، فَانطبقَ عليهِ تَعريفُ المعضَلِ.

قالَ ابنُ / ١١٤ أ / الصَلاحِ: ((وهَذا المَذهبُ فَرعٌ لمذهبِ مَن لا يُسمي المنقطِعَ قبلَ الوصولِ إلى التابعي مُرسَلاً)) (١). وأَمَّا مَن يسميهِ مُرسلاً، سَواءٌ كانَ انقطاعهُ بسُقوطِ اثنينِ مُتواليينِ فَأكثرَ (٢)، أم لا، فَهذا عِندهُ مرسَلٌ؛ لأنَّ المُرادَ بالتَابعي في قولهِ: ((قبل الوصولِ إلى التابعي)) مَن ليسَ بينهُ وبينَ النَبي - صلى الله عليه وسلم - واسطةٌ في ذلِكَ الحَديثِ إلا الصَحابي. وأسانيدُ هَؤلاءِ الصِغارِ يحتملُ أنْ يكونَ سَقطَ فِيهَا قبلَ ذلِكَ التَابعِي واحدٌ فأكثرُ احتمالاً قوياً، فتكونُ منقطعةً كيفَ ما كانَ السَقطُ، على أنَّ الصَوابَ -كَما قالَ المصنِفُ في "النُكتِ" - أن يقولَ: ((قبلَ الوصُولِ إلى الصَحابي، فإنَّهُ لو سَقطَ التَابعيُ أيضاً كانَ مُنقطعاً، لا مُرسَلاً عندَ هَؤلاءِ، ولكن هَكذا وَقعَ في عِبارةِ الحَاكمِ، فَتبعهُ عليهِ)) (٣).

قولُهُ: (ولم يلقوا مِن الصَحابةِ إلا الواحِدَ والاثنينِ) (٤) ليسَ ذلِكَ قيداً، بل وَلو لَقوا أكثرَ مِن ذلِكَ؛ فإنَّ العِبرةَ بكثرةِ الروايةِ عَنِ التابعينِ، لا بكثرةِ لِقاءِ الصَحابةِ،


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ١٢٨، وقد قالَ البلقيني في " محاسن الاصطلاح ": ١٣٥: ((فيهِ نظر: فهذا المذهب أصل يتفرع عليهِ أنَّهُ لا يسمى المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلاً)).
وقال الحافظ ابن حجر في " نكته " ١/ ٥٦٠ جامعاً بين القولين: ((يظهر لي أن ابن الصلاح لما رأى كثرة القائلين مِن المحدثين بأن المنقطع لا يسمى مرسلاً؛ لأن المرسل يختص عندهم بما ظن منهُ سقوط الصحابي فقط، جعل قول من قال منهم: إن رواية التابعي الصغير إنما تسمى منقطعة لا مرسلة مفرعاً عَنهُ؛ لأنه يظن أنَّهُ سقط منهُ الصحابي والتابعي أيضاً)).
(٢) وهم الحنفية، وإمام الحرمين ومن تابعه، كما قال العلائي في " جامع التحصيل ": ٣٢.
(٣) التقييد والإيضاح: ٧١.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>