للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يستعملونَ لفظة ((مُعضِل)) بكسرِ الضادِ؛ وذلكَ لأنَّهُ يوجدُ في كلامِهم أحياناً وصفُ الحديثِ الذي لم يسقطْ من إسنادهِ شيءٌ بأنَّهُ مُعضِلٌ، فهذا إنما يريدونَ بهِ أنَّهُ مُشكِلٌ، فهوَ مكسورُ الضادِ (١).

قلتُ: قولهُ: (وهو اصطلاحٌ مشكلٌ من حيثُ اللغةُ) (٢)، أي: لأنَّ مَفْعَلاً -بفتحِ العينِ - لا يكونُ إلا من ثلاثيٍّ لازمٍ عُدِّيَ بزيادةِ الهمزةِ، وهذا لازمٌ معَ الزيادةِ. وأجابَ: بأنَّهُ وجدَ لهُ قولهم: ((أمرٌ عضيلٌ) أي: مستغلقٌ شديدٌ.

قلتُ: يريدُ أنَّ من المقررِ: أنَّ ((فعيلاً)) مبالغةُ فاعلٍ لا يكونُ من رباعي، وإنما يكون من ثلاثي، وهوَ هنا لازمٌ لتفسيرهم لهُ بمستغلقٍ شديدٍ، فيكونُ مثل جليسٍ وكريمٍ، من جلسَ وكَرُمَ، فيقالُ: عضل الأمرُ إذا اشتدَ، كما يقالُ: أعضل، فإذا ثبتَ أنَّه من ثلاثيٍّ لازمٍ عُدِّيَ بالهمزةِ، فقيلَ: أعضلهُ، كما يقالُ: أكرمهُ، وأجلسهُ، والمعضلُ في الاصطلاحِ من هذا؛ لأنهم أعضلوه، فيصيرُ كما قالوا: ظلم الليلُ وأظلمَ هوَ، وأظلمهُ اللهُ. هذا ما كانَ ظهرَ لي، ثم وجدتُ ما يؤيدُ أنَّهُ مرادهُ، قالَ


(١) جاء في نسخة (ب): ونقل هذا السخاوي عن ابن حجر فقال: ((واعلم أنه قد وقع - كما أفاده شيخنا - التعبير بالمعضل في كلام جماعة من أئمة الحديث فيما لم يسقط منه شيء البتة، بل الإشكال في معناه، وذكر لذلك أمثلة، ولم يذكر فيها ما رواه الدولابي في "الكنى" من طريق خليد بن دعلج، عن معاوية بن قرة، عن أبيه - رضي الله عنه - رفعه: ((من كانت وصيته على كتاب الله كانت كفارة لما ترك من زكاته))، وقال: هذا معضل معضل يكاد يكون باطلاً، قال شيخنا: فأما أن يكون يطلق على كل من المعنيين، أو يكون المعرف به وهو المتعلق بالإسناد بفتح الضاد، والواقع في كلام من أُشير إليه بكسرها، ويعنون به المستغلق الشديد أي: الإسناد والمتن، قال: وبالجملة فالتنبيه عليه كان متعيناً)). انتهى. وانظر: النكت لابن حجر ٢/ ٥٧٥ - ٥٧٩، وبتحقيقي: ٣٤٩ - ٣٥٢، وفتح المغيث ١/ ١٧٨.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>