للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ شيخُنا: ((وأما قولهُ: ((قالَ لنا)) فحكمهُ الاتصالُ، لكنْ إنما يعدلُ / ١٣٨ أ / عن قولهِ: ((حدثنا)) ونحوهِ لنكتةٍ بديعةٍ، فتارةً يكونُ الحديثُ ظاهرهُ الوقفُ، وهو لم يضع كتابهُ إلا للحديثِ المسندِ، لكن يكونُ فيهِ شائبة الرفعِ إذا دققَ النظر)).

وقولهُ: (قد عاصرَ المرويَّ عنهُ) (١) فيهِ خلطٌ للمرسلِ الخفيِّ بالمدلسِ؛ فإنَّ المرسلَ الخفيَّ: هو أنْ يضيفَ الشخصُ إلى من عاصرهُ ولم يلقهُ حديثاً بلفظٍ موهمٍ للسماعِ (٢). فالصوابُ في العبارةِ أنْ يقالَ: وإنما يكونُ تدليساً إذا كانَ المدلسُ قد لقيَ المرويَّ عنهُ، فيخرجُ المعاصر الذي لم يلقَ، ويدخلُ من سمعَ غيرَ ذلِكَ الحديثِ الذي دلَّسهُ. وتعريفُ أبي الحسنِ القطانِ أقربُ إلى الصوابِ، وهل يعتذرُ عن قولهِ (٣): ((عن من قد سمعَ منهُ)) بأنَّهُ خارجٌ مخرجَ الغالبِ، والغالبُ أنَّ الاثنينِ إذا التقيا تحدّثا، حتى يدخلَ فيهِ مَن لَقيَ، وثبتَ أَنَّهُ لم يسمعْ، أو يجعلْ قيداً مخرجاً لهُ، فيلحقُ بالمرسلِ الخفيِّ؟ فيهِ نظرٌ.

وكانَ ينبغي لهُ أنْ يبدلَ قوله: ((من غيرِ أنْ يذكرَ أَنَّهُ سمعهُ منهُ)) فيقولَ: ((بلفظٍ موهمٍ)) فإنَّهُ أخصرُ. وعبارةُ الشافعي في " الرسالةِ " (٤) في باب تثبيتِ خبرِ الواحدِ: ((ولا تقومُ الحجةُ بخبرِ الخاصةِ حتى يجمعَ أموراً، منها: أنْ يكونَ - كذا إلى أنْ قالَ - بَرِيَّاً (٥) من أنْ يكونَ مدلساً، يُحدّثُ عن مَن لَقيَ ما لم يسمعْ منهُ)) وقالَ الإمامُ أبو بكرٍ الصيرفيُّ: ((إذا عُرفَ بالتدليسِ لم يُقبلْ فيهِ حتى يقولَ: ((حدثني)) أو ((سمعتُ)) وذلكَ أَنَّهُ قد كشفَ عن حالِ بعضِهم، فكانَ إذا أظهرَ


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٣٥.
(٢) لمزيد تفصيل، انظر: كتاب المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس.
(٣) عبارة: ((عن قوله)) لم ترد في (ف).
(٤) الرسالة فقرة (١٠٠٠) و (١٠٠١).
(٥) بتسهيل الهمزة وتشديد الياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>