للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طريقِ عكرمةَ، وهوَ عندهُ ضعيفٌ فيقولُ: أخبرنا ثورٌ، عنِ ابنِ عباسٍ، ويسقطُ عكرمةَ بينَ ثورٍ وابنِ عباسٍ، وثور لم يدركِ ابنَ عباسٍ.

ومرادُ ابنِ عبدِ البرِّ بهذا ردُّ قولِ مَن سمّاهُ تدليساً، والتشنيعُ عليهِ؛ فإنَّ الاتفاقَ واقعٌ على أنَّ مالكاً ليسَ مدلساً، فاقتضى أنَّ التسويةَ ليست تدليساً، ويؤيدُ ذلِكَ أنَّ ابنَ القطانِ أولُ من اخترعَ اسمَ التسويةِ، ولم يسمِّها تدليساً، ولا أدخلها في أنواعهِ، هكذا قالَ شيخُنا: إنَّ هذا (١) تدليسُ التسويةِ، وفيهِ نظرٌ؛ فإنَّ قولهُ: ((يحدّثُ الرجلُ (٢) عنِ الرجلِ بما لم يسمعْهُ منهُ)) (٣) يقتضي أنَّ المحدثَ هوَ الذي حذفَ مَن بينه وبينَ المحدَّثَ عنهُ، وهذا أعمُّ من أنْ يكونَ المحدَّثُ عنهُ شيخهُ أو لا، فغايتهُ أنْ يدخلَ فيهِ المرسلُ الخفي، والمعلقُ، وتدليسُ التسويةِ الحاذف فيهِ غيرُ من وقعَ الإيهام بأنَّهُ سمعَ ممن فوقهُ.

قولهُ: (فيقولُ فلانٌ) (٤) هذا سماهُ شيخنا حافظُ العصرِ تدليس القطعِ، فيكونُ رابعاً، وقد نظَمهُ بعضُهم فقالَ:

وذِكرُهُ الشيخَ وحذفَ الآلة ... أيضاً منَ التدليسِ في الروايةِ

وزاد شيخُنا تدليسَ العطفِ، فتصيرُ الأقسامُ خمسةً (٥)، ومثَّلهُ بما فعلَ هشيمٌ، فيما نقلَ الخطيبُ أنَّ أصحابَهُ قالوا لهُ: نريدُ أنْ / ١٣٩ ب / تُحدّثَنا اليومَ شيئاً لا يكونُ فيهِ تدليسٌ، فقالَ: خذوا. ثمَّ أملَى عليهم مجلساً، يقولُ في كلِّ حديثٍ منهُ: حدثنا فلانٌ، وفلانٌ، ثمَّ يسوقُ السند والمتنَ، فلما فرغَ قالَ: هل دلستُ لكمُ اليومَ شيئاً؟


(١) بعدها في (ب): ((ليس)).
(٢) لم ترد في (ب).
(٣) التمهيد ١/ ١٥.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٣٦.
(٥) انظر: النكت لابن حجر ٢/ ٦١٦ - ٦١٧، وبتحقيقي: ٣٨٨ - ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>