للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آيةً مِنْهَا أو فيها، أو بعضَ آيةٍ، لكانَ أسدَّ؛ لأنّا لا نعلمُ أحداً منهم عدَّها آيةً منْ سورةٍ سوى الفاتحة نصاً.

وقولُهُ: ((إنَّ قالونَ ومَنْ تابعهُ منْ قرّاءِ المدينةِ لا يعتقدُونَها آيةً من الفاتحةِ)). فِيهِ نظرٌ، إذْ قَدْ صحَّ نصاً، أنَّ إسحاقَ (١) بنَ مُحَمَّدٍ المسيبيَّ، أوثقُ أصْحَابِ نافعٍ وأجلُّهم، قَالَ: سألتُ نافعاً عنْ قراءةِ ((بسم الله الرحمن الرحيم)) فأمرني بِهَا، وَقَالَ: ((أشهدُ أنها من السبعِ المثاني، وأنَّ اللهَ أنزلها)) رَوَى ذَلِكَ الحافظُ أبو عَمْرِو الدانيُّ بإسنادٍ صحيحٍ، وكذلك / ١٦٧ أ / أبو بَكْر بنُ مجاهدٍ، عنْ شيخهِ موسى بنِ إِسْحَاقَ القاضي، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المسيبيِّ، عنْ أبيهِ، ورويا أيضاً عَن ابن المسيبيِّ، قَالَ: ((كنا نقرأُ بسم الله الرحمن الرحيم أول فاتحةِ الكتابِ، وفي أولِ سورةِ البقرةِ، وبينَ السورتينِ فِي العرضِ والصلاةِ (٢)))، هَذَا كانَ مذهبَ القرّاءِ بالمدينةِ. قَالَ (٣): ((وفقهاءُ المدينةِ لا يفعلونَ ذَلِكَ)).

قُلتُ: حَكَى أبو الْقَاسِمِ الهذليُّ، عنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ سألَ نافعاً عَن البسملةِ، فقالَ: ((السُنّةُ الجهرُ بِهَا)) فسلمَ إليه، وَقَالَ: ((كلُ عِلمٍ يُسألُ عنهُ أهلُهُ)) (٤) انتهى. فإنْ كَانَ ماذَكرَهُ شيخُنا عنْ قالونَ صحيحاً؛ فَقَد اضطربَ النقلُ عنْ نافعٍ. والظاهرُ أنَّ أولَ من حرّرَ هذهِ المسألةَ، أبو محمدِ بنُ حزمٍ فِي كتابه "المحلى" (٥) فَقَالَ فِي كِتَاب الصلاةِ: ((مَن كانَ يقرأُ بروايةِ مَنْ عَدَّ من القرّاءِ البسملةَ آيةً مِنْ أمّ القرآنِ، لمْ تجزئهُ الصلاةُ إلا بالبسملةِ، وهم: عاصمٌ، وحمزةُ،


(١) في (ب): ((إبراهيم)).
(٢) في (ف): ((وللصلاة)).
(٣) أي: ابن المسيبي.
(٤) انظر: النشر في القراءات العشر ١/ ٢٦٩.
(٥) المحلى ٣/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>