للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيري، ثمَّ لما أُطلقَ تحوّلَ فسكنَ بيتَ المقدسِ، وقالَ ابنُ عساكرَ: كانَ للكرّاميةِ رباطٌ ببيتِ المقدسِ، وكانَ هناكَ رجلاً يقالُ لهُ: هجَّامٌ، يحسنُ الظنَّ (١) بهمْ، فنهاهُ الفقيهُ نصرٌ (٢)، فقالَ: إنَّما لي الظاهرُ. فرأى (٣) هجّامٌ بعدَ ذَلِكَ أنَّ في رباطِهِمْ حائطاً فيهِ نباتُ النرجسِ، فاستحسنَهُ، فمدَّ يدَهُ فأخذَ منهُ شيئاً، فوجدَ أصولَهُ في العذرةِ، فقالَ لهُ الفقيهُ نصرٌ: الذي قلتُ لكَ تعبيرُ رؤياكَ، ظاهرُهم حسنٌ، وباطنُهمْ خبيثٌ، قالَ ابنُ عساكرَ: ولما دخلَ القدسَ، سمعَ النَّاسَ منهُ حديثاً كثيراً، فجاءهُ إنسانٌ فسألهُ عن الإيمانِ، فلمْ يجبهُ ثلاثاً، ثمَّ قالَ: الإيمانُ قولٌ. فلما سمعوا ذَلِكَ حَرَّقوا (٤) الكتبَ التي كتبوا عنهُ، ونفاهُ والي الرملةِ إلى زُغَرٍ (٥) فماتَ بها)) (٦).

قالَ الذهبيُّ: ((سنةَ خمسٍ وخمسينَ ومئتينِ، وعكف أصحابُهُ على قبرهِ مدةً)) (٧). وقالّ القاضي عضدُ الدينِ في " المواقفِ " (٨) والسيدُ في / ١٨٤ أ /

" شرحهِ ": ((وقالوا - أي الكرّاميةُ -: الإيمانُ قولُ الذرِّ في الأزلِ: بلى. أي: الإيمانُ هوَ الإقرارُ الذي وُجِدَ منَ الذَرِّ حينَ قالَ تعالى لهمْ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} (٩)، وهو باقٍ في الكلِّ على السويةِ،


(١) كلمة: ((الظن)) لم ترد في (أ) و (ب)، وهي في (ف)، واللسان، وجاءت هذه الكلمة في تاريخ دمشق: ((ظنه)).
(٢) جاء في حاشية (أ): ((أي: المقدسي)).
(٣) أي في المنام، كما في تاريخ دمشق.
(٤) هكذا في (أ) و (ب) وتاريخ دمشق، وفي (ف) واللسان: ((خَرَّقوا)).
(٥) بوزن زُفَر، وآخره راء مهملة: قرية بمشارف الشام، في طرف البحيرة المنتنة، وتسمّى البحيرة بها، وهي قرب الكرك. مراصد الاطلاع ٢/ ٦٦٧.
(٦) لسان الميزان ٧/ ٤٦٤ - ٤٦٥، وانظر: تاريخ دمشق ٥٨/ ٩٧ - ٩٨.
(٧) ميزان الاعتدال ٤/ ٢١.
(٨) المواقف: ٤٢٩.
(٩) الأعراف: ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>