للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ / ١٩١ ب /: نَعَم، وحدّثَ بهِ، فَفِعلُهُ ذَلِكَ فعلُ المتلقنِ؛ فإنَّ التلقينَ: التفهيمُ، والمتلقنُ المتفهمُ، وهو يقبلُ على ما يفهمهُ منْ غيرِ منازعةٍ، ولا توقّفٍ.

قولهُ: (وهذا يحِلُّ) (١) استفهامٌ، كأنَّهُ قالَ: وهل يحلّ هذا؟ ووجهُ إنكارهِ: أنَّهُ مفسدةٌ منْ غيرِ مصلحةٍ محققةٍ، وذلكَ أنَّهُ إنْ كانتْ لمصلحةٍ (٢) فيهِ الوثوقُ بالمحدِّثِ، إذا فطنَ لهُ، وردهُ إلى الصوابِ والاعتماد عليهِ في كلِّ ما يُحدّثُ بهِ، فهي مشوبةٌ بأنَّهُ قدْ يكونُ حافظاً وكذاباً، فإذا عَلِمَ أنَّ الطالبَ قدْ وَثِقَ بهِ دَسَّ عليهِ بعدَ ذَلِكَ ما أرادَ، فقدْ فسدتْ هذهِ المصلحةُ.

وأما كونُهُ مفسدةً فقدْ يكونُ ذَلِكَ الرجلُ حافظاً مأموناً، ويغفلُ عن القلبِ لعارضٍ منَ العوارضِ، فيحكمُ ذَلِكَ الفاعلُ بغفلتهِ وإسقاطِ حديثهِ، وقدْ يكونُ عندهُ حديثٌ لايوجدُ عندَ غيرهِ، فيُفَوِّتهُ على النَّاسِ، هذا معَ أنَّهُ يمكنُ معرفةُ حفظهِ بما تقدّمَ منْ قولِ الشَّافعيِّ - رحمه الله -، منْ عرضِ حديثِهِ على حديثِ الثقاتِ ونحو ذَلِكَ. وقدْ يغفلُ عنْ إعدامِ الورقةِ التي فيها الحديثُ المقلوبُ بعدَ الاستغناءِ عنها، فيعثرُ عليها منْ يُحدّث بها على القلبِ، وقدْ يكونُ حاضرَ القراءةِ على القلبِ منْ لا يعرفُ حقيقةَ الحالِ فيحفظها أو بعضهَا، فيحدّثُ بما سمعهُ كما سمعهُ، فيقعُ في الخَطَرِ وهو لا يشعرُ (٣).

ووجهُ / ١٩٢ أ / الإباحةِ: أنَّ ذَلِكَ تُعرفُ رتبتُهُ في الحفظِ بسهولةٍ، بخلافِ اختبارهِ بغيرِ ذَلِكَ، فإذا عُرفَ ذَلِكَ لم يوجبِ الوثوق بهِ في الدينِ، فيختبر فيهِ بأنواعٍ أخرى، هذا إذا فطن لذلكَ، وإنْ خفيَ عنهُ، لمْ يوجبْ ذَلِكَ سقوطهُ عندَ فاعلهِ، بل


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢١.
(٢) في (ف): ((المصلحة)).
(٣) انظر في نحو هذا ما حصل لأحد الرواة، كتابي " أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء ": ١٢٢ - ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>