للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا أولاً: فلا يلزمُ من سؤالِها الاعتمادُ على قولهِا، بلْ يكونُ المرادُ التنبيهَ على وجهٍ ليتتبعَ، وكذا وقعَ، فإنَّها لما أخبرَتْ بما تعرفُ من العدالةِ تأيَّد بها للاستصحابِ، فخطبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأسندَ براءَتها (١) إلى علمه وما سَترَهُ / ١٩٧ب / منْ أحوالِها، لا (٢) إلى خبرِ بريرةَ - رضي اللهُ عنها - فقالَ: ما علمتُ على أهلِي إلاّ خيراً ... ، إلى آخرِ خطبتهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وأمّا ثانياً: فلا مانعَ من أنَّ العدلَ يكونُ مقبولاً في شيءٍ دونَ شيءٍ، كما تُقبلُ المرأةُ في الأموالِ وما لايطَّلعُ عليهِ الرجالُ غالباً، وتُردُّ في العقوباتِ وما يطَّلعُ عليهِ الرجالُ غالباً كالطّلاقِ والنِّكاحِ، وسيأتي التقييدُ في كلامهِ نفسهِ بما تُقبلُ شهادتُها فيهِ.

قولهُ: (وهو مخالفٌ لما نقلهُ) (٣) ليس فيهِ مخالفةٌ؛ لأنَّ النقلَ عنِ الأكثرينَ مطلقاً لا يخالفُ النقلَ عنهم بقيدِ كونهم فقهاءَ.

قولهُ: (بخلافِ الشهاداتِ) (٤)، أي: لضيقِ الأمر فيها لكونَّهِا في حقوقِ العبادِ غالباً؛ ولأنَّها محلُّ الأغراضِ. وأمّا الخبرُ فيبعدُ فيهِ الغرضُ؛ لعمومهِ، ويندرُ تعلّقُ الغرضِ مِنْ متشرّعٍ بإلزامِ جميعِ الناسِ حكماً؛ فلذا قُبِلَ فيها الواحدُ نقلاً، وكذا تزكيتُهُ، فإنْ كانَ جرحُهُ وتعديلُهُ مستنداً إلى نقلٍ، فهوَ مِنْ بابِ الخبرِ، والخبرُ يكفي فيهِ الواحدُ؛ وإنْ كانَ مستنداً إلى اجتهادهِ، فهو منْ بابِ الحكمِ، والحاكمُ لا يشترطُ تعددهُ.


(١) في (ب) و (ف): ((واستند برأيها)).
(٢) لم ترد في (ب).
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢٩.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>